بقلم النائب سجاد سالم: المحكمة الإتحادية العليا.. هيئة قضائية أو سلطة اتحادية؟

خاص – جريدة |..

اثار قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية جدلا قانونيا كان مستترا في الوسط القانوني يتعلق بحدود صلاحيات المحكمة الاتحادية العليا، خاصة بعد قرارات المحكمة بالطعن في قانون الانتخابات بالدعوى المرقمة (٧٣/اتحادية/٢٠٢٣) والتي بموجبها قضت بإلغاء مواد من قانون الانتخابات واعتماد نص بديل ملغى وقررت نفاذه واستمرت القرارات على هذا المنوال والتي اعتبرناها هدراً لإرادة المشرع ومساً بمبدأ الفصل بين السلطات وتجاوزاً لحدود صلاحيات المحكمة الاتحادية بموجب احكام الدستور.

الفريق الذي تمسك بنص المادة (٩٤) من الدستور العراقي ” قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة ”  اعتبر امتداد ذلك حتى السلطة التي تنتمي اليها وتعتبر جزءا منها، خالف هذا الفريق السياق الذي تمارس فيه المحكمة الاتحادية اعمالها وبموجبه تدير شؤونها وكأنها تعوم وحيدة بأحكامها بعيدا عن السلطة القضائية التي تدير شؤون المحاكم كافة بموجب احكام المادة (٩٠) من الدستور العراقي التي نصت ” يتولى مجلس القضاء الأعلى إدارة شؤون الهيئات القضائية ” والمحكمة الاتحادية ماهيتها هيئة من هيئات الجهاز القضائي بموجب احكام المادة ( ٩٢/ أولا) من الدستور العراقي ” المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليا واداريا ” فالدستور أسبغ عليها وصف الهيئة مع استقلالها المالي والإداري. فهذا الفريق سكن في دلالة اللفظ عند أحكام المادة (٩٤) من الدستور العراقي وغابت عنه غاية النص وضرورة انتظام السلطات في أعمالها.

والقول بانفراد المحكمة بعيدا عن السلطة القضائية بأحكامها وشؤونها كالقول بالفصل بين وزارة الدفاع مثلا في السلطة التنفيذية عن مجلس الوزراء. فحينما قرر القانون مبدا الفصل بين السلطات وهي ثلاث بموجب احكام المادة (٤٧) من الدستور” تتكون السلطات القضائية من التشريعية والتنفيذية والقضائية…” لم يجزئ هذه السلطات الي هياكل منفردة ويبعضها ليرسم فصلا وعلوية بين الهيئات القضائية او بين مؤسسات السلطة الاخرى، فلكل سلطة رئيس وشأن يدار وتخضع مؤسسات السلطة لأحكامه.

باستقراء النصوص الخاصة بصلاحيات المحكمة الاتحادية فأن حدود مهامها واضحة ومبينة وقرار الهيأة العامة في محكمة التمييز أعاد الأمور الي نصابها الصحيح ووضع السلطات في مواضعها وانطلق من خصوصية الفقرة الحكمية الى عمومية حدود السلطات وصلاحياتها وحافظ على إرادة المشرع التي نص عليها الدستور بموجب احكام المادة( ٦١) والمتعلقة باختصاص مجلس النواب في تشريع وتعديل القوانين، كما أعاد الى المحكمة الاتحادية العليا انتظامها كهيئة ضمن مؤسسات الجهاز القضائي وليست سلطة اتحادية ” رابعة ” لم ينص الدستور أن تؤدي اعمالها بهذا الشكل.

النائب سجاد سالم
عضو اللجنة القانونية النيابية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار