تقرير “الشرق الأوسط”: إيران تستنفر وكلاءها.. والنجف تمسك بزمام شيعة العراق

متابعات
سلّط تقرير موسّع لصحيفة “الشرق الأوسط” الضوء على تصاعد الانقسام داخل الساحة الشيعية في العراق، بين نفوذ الحوزة الدينية في النجف بزعامة المرجع الأعلى علي السيستاني، وضغوط الفصائل المسلحة التي تواجه تحديات داخلية وخارجية في ظل تغيّر إقليمي متسارع.
وأوضح التقرير، الذي تابعته “منصة جريدة”، أن لحظة صدام صامت باتت تلوح في الأفق بين مشروعين متناقضين يتنازعان على تمثيل الشيعة في العراق؛ الأول تقوده مرجعية النجف وتدعو إلى دولة مؤسسات وسلاح منضبط، والثاني تمثله فصائل مسلحة ترفض الخضوع لأي إصلاحات أمنية أو تقليص لنفوذها، وتحظى بدعم مباشر من الحرس الثوري الإيراني.
وأشار التقرير إلى أن هذا التوتر تصاعد عقب اشتباك نادر في حزام بغداد بين قوات أمنية عراقية ومسلحين من “كتائب حزب الله”، على خلفية نزاع حول السيطرة على أراضٍ زراعية. أعقب الاشتباك ظهور علني مثير لأحد قادة “الكتائب”، جمال مهلهل، الذي وجّه تهديداً مباشراً لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني قائلاً: “لن تتحقق ولايتك الثانية”.
ويضيف التقرير أن توقيت هذا التصعيد تزامن مع رسائل من طهران إلى وكلائها في العراق ولبنان، تحثهم فيها على البقاء في حالة جهوزية عالية، مع تعليمات واضحة برفض أي محاولات لنزع السلاح أو دمج الفصائل، باعتبار أن “كل قطعة سلاح سيكون لها دور في المرحلة المقبلة”.
في المقابل، أفاد التقرير بأن مرجعية النجف عبّرت بشكل غير مباشر عن استيائها من استمرار حالة الانفلات الأمني، وغياب الحلول السياسية الواقعية، حيث أعاد ممثل السيستاني، عبد المهدي الكربلائي، الظهور علنًا بعد سنوات من الغياب، داعياً إلى “حصر السلاح بيد الدولة” وتقوية المؤسسات الأمنية. كما كشفت مصادر عن لقاء خاص جمع الكربلائي بمسؤول حكومي كبير، تضمن رسائل مباشرة من المرجعية تطالب بمراجعة الإنفاق الحكومي، وترشيد السياسات الخارجية، واحتواء المخاطر التي تهدد الشيعة والدولة على حد سواء.
كما أشار التقرير إلى أن تراجع التأثير الإيراني داخل بغداد أضعف هيبة زيارات قاآني، قائد فيلق القدس، التي باتت لا تحظى بنفس السرية أو الرمزية السابقة، خاصة بعد تداعيات المواجهة الإيرانية الإسرائيلية في نيسان الماضي، التي كشفت عن هشاشة بعض مواقع النفوذ الإيراني في العراق.
ووفقاً لما نقله التقرير عن قيادي في “الإطار التنسيقي”، فإن الولايات المتحدة قررت التصدي صراحة لأي محاولة لتقنين نفوذ الفصائل داخل المؤسسة الأمنية، معتبرة قانون “الحشد الشعبي” المزمع تشريعه بأنه “رخصة لتكريس إرهاب الدولة”، وهو ما عبّر عنه مسؤولون أميركيون بلهجة صارمة، بينهم ماركو روبيو وستيفن فاجن، وحتى المتحدثة باسم الخارجية الأميركية التي وصفت التشريع بأنه “عمل عدائي”.
ويخلص التقرير إلى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يواجه مأزقاً حقيقياً، إذ عليه أن يختار بين مجاراة الضغط الدولي الذي يدعوه لإعادة هيكلة الحشد واحتواء الفصائل، أو الحفاظ على توازنه داخل البيت الشيعي، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات. ولفت إلى أن السوداني يحاول حتى الآن كسب الوقت، لكنه بدأ يتعرض لضغط داخلي غير مسبوق من مرجعية النجف التي تراه مسؤولًا عن ضبط الإيقاع السياسي والأمني قبل أن يفوت الأوان.
وفيما يبدو أن القوى الشيعية الحاكمة باتت تدرك أن “لحظة التغيير الإقليمي” تحتم عليها اتخاذ قرارات مصيرية، يحذّر التقرير من أن استمرار حالة التردد والرهان على السلاح، قد يفجّر النظام السياسي من داخله، خاصة في ظل تحذيرات المرجعية المتكررة، وتصاعد الغضب الدولي.