العقابي يشرح لـ”جريدة” لماذا نجحت سوريا في استيراد الغاز وتعثر العراق

خاص |
أكد الخبير في شؤون الطاقة يحيى العقابي، أن المقارنة بين التجربتين العراقية والسورية في ملف استيراد الغاز الطبيعي غير دقيقة، نظرًا لاختلاف الظروف الفنية والسياسية والإقليمية التي تحكم كل حالة.
العقابي أوضح خلال حديث لـ“منصة جريدة” أن “النجاح السوري في استيراد الغاز الأذري يعود لعوامل فنية، أبرزها وجود بنية تحتية جاهزة في الشمال السوري، إذ أُعيد تأهيل خط الأنابيب بين كيليس التركية وريف حلب الذي يعود إلى ثمانينات القرن الماضي، بتكلفة منخفضة، إضافة إلى توافر محطات كهربائية قريبة جاهزة لاستقبال الغاز دون الحاجة لإنشاء منشآت جديدة”.
في المقابل، أشار إلى أن الوضع في العراق مختلف تمامًا، فبالرغم من امتلاكه محطات حديثة وشبكة نقل كهرباء واسعة، إلا أن الربط مع خطوط الغاز الإقليمية غير متحقق حتى الآن، حيث لم يُنفذ مشروع أنبوب الغاز المقترح مع تركيا بسبب تعثر التفاهمات التجارية وتضارب الأولويات بين وزارتي النفط والكهرباء، فضلاً عن الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان.
وبيّن العقابي أن “العراق يعاني من حرق نحو 17 إلى 18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب سنويًا نتيجة بطء مشاريع جمع ومعالجة الغاز، وضعف التكامل بين مراحل الإنتاج والنقل والتوزيع، رغم امتلاكه احتياطيات مؤكدة تتجاوز 130 تريليون قدم مكعب، ما يضعه paradoxically في موقع المستورد”.
من جانب آخر، لفت الخبير إلى أن” الاتفاق السوري يأتي في إطار إعادة التموضع الجيوطاقي بالمنطقة، حيث تسعى تركيا لتعزيز موقعها كممر إقليمي رئيسي للغاز، بينما تبحث أذربيجان عن أسواق جديدة خارج أوروبا”. أما العراق، فما يزال مرتبطًا بالاستيراد من إيران، ما يجعله عرضة للعقوبات الأميركية والضغوط السياسية، ويحد من مرونته في أسواق الطاقة.
وشدد العقابي على أن غياب كيان مركزي لإدارة ملف الغاز في العراق، على غرار شركات وطنية كـ”سوناطراك” في الجزائر أو “بوتاش” في تركيا، يعيق تنفيذ استراتيجية متكاملة سواء للإنتاج المحلي أو الاستيراد أو إنشاء مخزونات استراتيجية.
وختم العقابي بالقول: “النجاح في هذا الملف لا يُقاس بالكميات المستوردة فقط، بل بسرعة التوصيل، وتكامل المنظومة، وتأثيرها على استقرار الشبكة الكهربائية. سوريا استوردت نحو 3.4 مليون متر مكعب يوميًا، وهو إنجاز رمزي سياسيًا لكنه محدود فنيًا، بينما يستورد العراق أكثر من عشرة أضعاف هذه الكمية لتحقيق اكتفاء نسبي. العراق يمتلك فرصة ليصبح مصدرًا للطاقة خلال العقد المقبل، إذا ما عالج الخلل البنيوي في سياسته الطاقوية وعزز شراكاته الدولية