التحوّل من رفض مجالس المحافظات الى المشاركة في عودتها
بقلم محمد العبدلي |..
لازالت الاغلبية الرمادية الصامتة وحتى الكثير من الناقمين على احزاب السلطة غير مقتنعة بالمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات القادمة، والحجة الاساسية التي لم تُدحَظ حتى الآن تتلخص بكيفية مشاركة شخصيات في عودة المجالس بعد أن كانوا رافضين لوجودها؟!
والحقيقة أن تبريرات المشاركة في الانتخابات لم تكن حتى الآن مُقنعة، وربما كانت لمشاركة المستقلين والاحزاب الناشئة في انتخابات الدورة النيابية الخامسة مُحبطة لجمهورهم؛ بسبب تشتتهم وعدم تقديمهم لنموذج سياسي مقبول ومُقنع قياساً للشعارات والوعود المطلقة خلال فترات ترشيحهم، فكان عملهم مشتتاً دون مشروع واضح وقابل للتطبيق، حتى أصبح هناك تخوّف مشروع من تكرار ذات الفشل في أي انتخابات قادمة، فالمشاركة غير الواعية ستزيد من الفجوة مع الجمهور، وحينها ستتناقص أعداد المشاركين في الانتخابات، الأمر الذي يزيد من قبضة الاحزاب التقليدية على السلطة.
لكن هل يكون الحل بالعزوف عن المشاركة وفسح المجال بشكل تام لاحزاب السلطة لتنفرد بجميع اعضاء المجالس؟! فالجميع يدرك أن ناخبي هذه الاحزاب شبه ثابت كونها أما مؤدلجة أو باحثة عن مصالحها الشخصية او الفؤية، وناخبيهم يدركون جيداً أن مصالحهم مرتبطة بشكل وثيق باستمرار أحزابهم بالسلطة؟!
وفي ظل قرارات المحكمة الاتحادية العليا التي أقرّت بعدم إمكانية إلغاء تلك المجالس لوجود نصوص دستورية تقضي باستمرارها، بغض النظر عن التاريخ السيّء لتجارب المجالس السابقة، فهنا لا بدّ من البحث عن طريق جديد مختلف عن المشاركة غير الواعية، وفي ذات الوقت العمل على مزاحمة أحزاب السلطة وتقديم نموذج جيد لاعضاء مجالس المحافظات يكونوا عارفين بمهامهم الدستورية والقانونية، وقادرين على مواجهة وفضح الفاسدين، وتقديم الخدمات لمحافظاتهم عبر برامج واضحة ومعقولة، وعلى كافة الاصعدة، الصحية والتعلمية والطرق والكهرباء والماء والمجاري، انتتهاءاً بالحدائق والمتنزهات، وتفعيل جوانب السياحة وتقديم حلول لمعالجة البيروقراطية الادارية المقيتة في مؤسسات المحافظة، وتقديم خطة عمل مسبقة فيما يخص كل من تلك المجالات، فضلاَ عن تحديد معايير وشروط عامة للتكليف بمنصب المحافظ ونائبيه واصحاب المناصب العليا في المحافظة وغيرها من المهام المدرجة في قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم رقم (٢١) لسنة ٢٠٠٨ المعدل.
فمتى ما وجدنا هكذا بديل سياسي سيستحق الدعم والإشادة لتكون حينها المشاركة فاعلة، وهي أفضل من الرفض السلبي لأية محاولات للتغيير دون تقديم حلاًّ بديل، للإكتفاء بالنقد والتذمر غير المُجدي.