التسابق بين الصحافة الالكترونية والورقية


بقلم رياض الفرطوسي |..

ما زالت الساحة الاعلامية والصحفية تزدحم بكم هائل من وسائل النشر الالكترونية والورقية ‘ لكن في ظل تطور التكنلوجيا ووسائل التواصل والاتصال ‘ ظهرت صحافة جديدة واعلام جديد ‘ اصبح اكثر انتشارا من الصحافة التقليدية ‘ والاكثر تصفحا في كافة ارجاء العالم.

وبدا الامر كما لو ان الصحافة الجديدة هي الاكثر سيطرة ونفوذ حتى انها اخترقت مراكز القرار السياسي والاقتصادي ، وقد تعززت قوة هذه الصحافة من خلال انتشار وسائل التواصل الاجتماعي على نحو متسارع واصبح الموضوع كما لو انه تسابق بين الصحافة الورقية والالكترونية .

حيث تحاول الصحافة الالكترونية ان تنتزع جمهور الصحافة الورقية بحكم كمية الاخبار والصور والمعلومات ‘ واخذت تؤثر على وعي الجمهور وعلى مزاجه العام ، حتى اعتقد البعض ان عصر الصحافة الورقية قد انتهى وولى ‘ لكن الامر ليس بهذه البساطة والسهولة .

صحيح ان الصحافة الالكترونية قد نالت بعض الشي من الصحافة الورقية ولكنها لم تقض عليها ‘ والسبب ثمة علاقة حميمية بين القارىء وبين الورق لا توفرها الصحافة الالكترونية ‘ والدليل هو صمود الصحافة الورقية ‘ حيث ما زال لها جمهورها وقراؤها ومتابعيها ‘ وهذا الامر لا يختصر على الاجيال القديمة وانما حتى على الاجيال الجديدة ‘ وهو ما يؤكد على مكانة الصحافة الورقية وثبوتها في ذاكرة الاجيال لانها تمتاز بالثقة مقارنة مع وسائل الصحافة الالكترونية الحديثة ، فضلا عن ذلك انها تناسب جميع فئات المجتمع بغض النظر عن السن والتوجه.

هناك نقاط جوهرية تتصل بمستقبل الصحافة للمرحلة القادمة نطرحها من خلال النقاط التالية :

اولا : تنفرد الصحافة الورقية بقيمة رمزية واضحة وهو مستوى الثقة ‘ بحيث يمكنك العودة لها في اي وقت وهذه الوثوقية تثبت في ذاكرة الاجيال ‘ بحيث اننا الان ما نزال نتذكر الكثير من العناوين المهمة لصحف ورقية حول احداث كثيرة بما يشكل ذاكرة متوقدة وتاريخية لاجيال متعاقبة . ما اكثر العناوين التي كنا نتداولها وقد عشنا معها تفاصيل كثيرة . لقد بقى العنوان الصحفي والمانشيت والخبر البارز فن قائم بذاته . كان اختياره يمثل خاصية كل صحيفة وانفرادها بالخبر المتميز.

ثانيا : تمثل الصحافة انعكاس مباشر ومرآة لطبيعة البيئة الثقافية لكل مجتمع ‘ وبالامكان التعرف على مستوى وعي المجتمع وثقافته وتحضره وتقدمه ‘ من خلال الصحافة وعبر المحتوى الصحفي وطريقة النشر وعدد القراء . كلما كانت العلاقة بين القارىء وبين الصحافة قوية فهو دليل على شكل وطبيعة المجتمع والنظام السياسي . يحصل في احيان كثيرة ان الصحافة تسبق الاحداث وتتنبأ بما قد يحصل من مواقف وهذا مؤشر واضح على قيمة الصحافة في انها تصنع فضاء من الامل للناس . اذا كانت على قدر من المصداقية في تصالحها مع الاحداث.

لذلك نقول ان الصحافة في اي مجتمع دليل على ثقافة ذلك المجتمع والدليل ان اجيالاً كثيرة كانت تنتظر اعداد بعض الصحف بما فيها من اخبار ومقالات بلهفة من اجل الاطلاع ومتعة القراءة ‘ وقد احتلت الكثير من الصحف مكانة في المكتبات العامة وفي اماكن توزيعها لتمثل ثقافة اجيال كثيرة.

ثالثا : كانت ولا تزال الصحافة على علاقة مباشرة بالسياسة ‘ هناك صحف تمثل لسان حال بعض الاحزاب والتيارات . لهذه التيارات والاحزاب رؤية تحاول ان تدافع بها عن مشروعها . لكن هناك صحف اخرى تحاول ان تلتزم الحياد في معالجة قضايا الدولة والمجتمع ولا تنجرف الى التسابق الصحفي المحموم مع الصحف الاخرى .

رابعا : تحاول الصحافة الالكترونية الحديثة ان تخترق مفهوم الجدية الذي كان سائدا سابقا في الصحافة الورقية . من منا لم يحتفظ ببعض الصحف والمجلات القديمة التي يعود قسم منها الى زمن الطفولة ‘ لان الصحافة بشكل عام هي ارث وتراث نعتز به وهو الجزء الحيوي في بنائنا الفكري والثقافي,.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار