دفع الرواتب في العراق بالدولار!

بقلم /..الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي

‏هل من المناسب التحول لدفع الرواتب والاجور للدولار بدلاً من الدينار، للتخلص من صداع ارتفاع الاسعار وتحمل عبئ دينار يكلف الميزانية كثيراً لضبط أسعاره؟

هناك دول عديدة حول العالم اختارت ان تعتمد الدولار الامريكي كعملة رسمية لها سواء كان الدولار هو العملة الوحيده في التعامل او كعملة ثانية اضافه للعملة المحلية.

وهذا ما ساعد تلك الدول من التخلص من بعض الأعباء الاقتصادية، منها عدم تحمل كلفه طباعه وادارة عملة محلية او عبئ إدارة سياسة نقدية تكلف الميزانية لضبط اسعار العملة المحلية ومستويات التضخم واسعار الفائدة وتقوية العلاقات مع الولايات المتحدة والحصول على دعمها في اكثر من مجال.

وهذا النموذج في اعتماد الدولار كعملة محلية كان مناسباً للدول الصغيرة التي لا تمتلك موارد او تلك الدول ذات الضعف الاقتصادي او لدى الامريكان تأثيرات سياسية واقتصادية مباشرة عليها او دول ما تسمى بجمهوريات الموز.

من تلك الدول السلفادور، بنما، الاكوادور، غوام، زمبابوي، بورتريكو، وبعض الجزر في البحر الكاريبي والمحيط الهادي، والتي لا تملك كامل مقومات الدولة اول شكل اقتصادي مستقل.

أما الدول ذات الموارد الاقتصادية والتي لها قيمة في محيطها الاقليمي، سياسيًا وجغرافياً، او الدول ذات الانظمة الاقتصادية المستقرة، فتعمل بشكل طبيعي على الاستقلال الاقتصادي والنقدي من خلال عملة وطنية وسياسة نقدية مستقلة تديرها من خلال بنوكها المركزية، وتتحمل أعباء ذلك.

والسبب ان تبني الدولار كعملة تداول محلي فيه تبعية اقتصادية وسياسية تامة للولايات المتحدة وانهاء للسيادة، من خلال ربط الاقتصاد المحلي بالمتغيرات في الاقتصاد الامريكي، وهذا يعد بمثابة تسليم إدارة الاقتصاد المحلي لصانع قرار اقتصادي خارجي، وهذا مبدأ ترفضه الحكومات التي تحترم دولها.

ورغم الكلفه العالية في بعض الاحيان لادارة وادامة الاقتصاد، الا ان الغالبية العظمى من دول العالم تعتمد على الاستقلالية النقدية والاقتصادية وتركز على دعم عملتها المحلية واقتصادها مهما كانت الكلفة.

لذلك فإن اعتماد الدولار كعملة محلية لا يناسب بشكل مطلق العراق، لما يملكه هذا البلد (رغم كل الظروف والسلبيات) من قيمة جيوسياسية ومن موارد طبيعية تؤهله لان يكون صاحب أستقلالية اقتصادية كاملة يفرض من خلالها سيادته وقراره على سياساته النقدية والمالية وأسواقه المحلية.

ورغم ما يمر به العراق من مشاكل وأزمات تتعلق بالاقتصاد وارتفاع اسعار الدولار مقابل الدينار، الا انه بكل الاحوال هناك العديد من الخيارات والحلول امام العراق لمراجعة وتعديل سياساته النقدية والتحرك لتنويع مصادر دعم الاقتصاد وكل هذا سيصب في مصلحة الدينار وقوته أمام الدولار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار