أزمة الدولار “تفضح” عيوب السيادة العراقية!


تقارير – جريدة /..

ليس سرا أن أموال العراق من عوائد النفط تمر بالبنك الفيدرالي الأمريكي ومنه يتم التحويل للعراق، في عملية “حماية” أمريكية لتجنيبه عقوبات دولية تطالب العراق بالتعويضات عن مشاكل نتيجة نزاعات بينه وبين أطراف عديدة، لكن هذه “الحماية” تثير كثيرا من الأسئلة حول سيادة العراق ومدى حريته في سياساته الخارجية ومدى تأثرها بالقيود الاقتصادية.

وفي هذا السياق يؤكد مدير مركز كلواذا للدراسات الاستراتيجية د. باسل حسين “أن السلوك السياسي الخارجي طالما هو ذلك السلوك الهادف والمؤثر الذي يستهدف وحدة دولية أخرى فهو عابر للحدود، وبالتالي لا يمكن أن تسيطر على بيئة خارج حدودك لأنك لا تتحكم بها، وحتى السيادة أصبحت مرنة ولذلك بدأ يطغى على السطح في العلاقات الدولية مصطلح “السيادة المرنة” بمعنى أن الدولة نفسها لم تعد قادرة على التحكم في كثير من عناصرها الداخلية كالإعلام مثلا أو الإنترنت أو غيره”.

وفي ظل مرونة السيادة تأثر العراق خلال الأعوام الماضية بمؤثرات خارجية بفعل الصراع القائم في المنطقة حولته إلى منطقة صراع إقليمي ودولي، ما ترك آثارا بالغة العمق في اقتصاده وسياساته الداخلية والخارجية، وهنا يذكر الباحث في الشؤون الإستراتيجية والأمن الوطني فراس إلياس “أن العراق ضمن التصنيف الأمريكي هو بيئة صراع، ويلزم ذلك متابعة دقيقة لحركة الدولار، لأن التساهل في ذلك، قد يؤدي إلى تحول الدولار إلى رصاصة أو صاروخ كاتيوشا يستهدف الوجود الأمريكي في العراق”.

مضيفا لـ “جريدة” أن “واشنطن رأت حركة غير مسبوقة لتهريب الدولار لجهات متعددة خارج العراق مع وجود حكومة الإطار، وهو تحرك جاء بعد تحذيرات عدة أطلقها البنك الفيدرالي الأمريكي”، مبينا أن “تحرك واشنطن جاء مترافقا مع ضغوط إيرانية لرفع وتيرة تهريب العملة إليها، لتخفيف أزمتها الاقتصادية بالداخل، خصوصا مع بدء طهران الإعداد لموازنتها العامة مطلع الشهر الجاري”.

ومن الفعل الإيراني ورد الفعل الأمريكي نجد أن نوعا آخر من الصراع الإقليمي ما يزال قائما على الأرض العراقية.. صراع لا يظهر بصورة تهديدات الكاتيوشا ورشقات السيرام، لكنه يبدو جليا بأوضح ما يكون في السوق العراقية بعد إجراءات البنك الفيدرالي الأمريكي لمنع تهريب الدولار من العراق، فالعملة الصعبة التي كانت تتسرب إلى طهران من بغداد بعلم واشنطن لم تعد متاحة للتداول، إذ تسعى واشنطن كما يذكر أستاذ العلوم السياسية د. الناصر دريد حاليا إلى “خنق إيران في هذه المرحلة للتأثير عليها من الداخل بعد أن كانت تترك لها رئة تتنفس منها في العراق، بل أن إيران طالما سعت لأن يظهر العراق بصورة البلد المحايد الوسطي في سياساته الخارجية وعلاقاته الدولية للحفاظ على استقراره اقتصاديا بما يخدم مصالحها هي”.

وعلى ما يبدو فإن مرونة السيادة في العراق جعلت منه بلدا خاضعا للتدخلات الخارجية بشكل غيّب المصلحة الوطنية حتى في علاقات البلد مع العالم، وأن ذلك لا يحدث رغما عن إرادة الدولة بل أن النظام القائم معتمد على الدور الخارجي في إدارة الدولة ورسم خارطة الطريق لعمليتها السياسية. انتهى

غرفة الاخبار – جريدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار