مادام الاستثمار يهدر المال العام، فلماذا لا يطعن النواب بدستوريته؟

بقلم/ سلام مكي

كثيرا ما نسمع عبر منصات التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون شكاوى نواب وشخصيات أكاديمية ومواطنون من سرقة أراض الدولة بحجة الاستثمار. نسمع أيضا قيام مسؤولين حكوميين بمنح جزء من دوائرهم الى مستثمرين لغرض إنشاء مجمعات سكنية أو مولات أو جامعات أهلية. المشكلة التي تثار هنا، أن الجميع يرفض تلك المشاريع، ويعتبرها سرقة علنية لأملاك الدولة، رغم أن تلك المشاريع تتم وفق آليات قانونية وأمام الجميع، ووفق مواصفات أصولية! الدولة العراقية بعد عام 2003، رأت أن البلد منهك اقتصاديا، ولا بنى تحتية له، لذلك، رأت أن تشريع قانون للاستثمار يمكنه أن يساهم بشكل كبير في إعادة بناء المرافق العامة، وحل مشاكل السكن التي يعاني منها البلد، وبناء المصانع والمستشفيات والمراكز التجارية، وفق نظام الاستثمار، على أن توفر الدولة للمستثمر الأراضي اللازمة لإقامة مشاريعه الاستثمارية مجانا أو بأسعار رمزية، مع إعفاءات كمركية وضريبية، على المواد الداخلة في المشروع الاستثماري. وفعلا، بدأت هيآت الاستثمار في بغداد والمحافظات بمنح الاجازات الاستثمارية لعدد كبير من المشاريع السكنية والتجارية! أما الصناعية فلا تعليق!!

في إحدى الدعاوى القضائية، ضد دائرة حكومية قامت بعرض عقار عائد لها وفق قانون الاستثمار، مقابل عرض آخر وفق قانون بيع وإيجار أموال الدولة. تلك الدائرة منحت العقار وفقا لقانون الاستثمار، مما أدى الى تدخل الأجهزة الرقابية وإقامة شكوى بحق تلك الدائرة، لأن منح العقار وفق قانون الاستثمار سوف يؤدي الى هدر بالمال العام، لأن قيمة الأرض ستعطى للمستثمر بشكل مجاني أو رمزي! بينما لو منحت الأرض وفق قانون بيع وإيجار أموال الدولة سيكون وفق سعرها الحقيقي!

نعود الى النص القانوني الذي تعمل بموجهه اللجان التي تقدر قيمة الأراضي، نجد أنه نظام بيع وإيجار عقارات وأراضي الدولة والقطاع العام لأغراض الاستثمار والمساطحة عليها رقم 6 لسنة 2017، حيث نصت المادة 4 أولا: تملك الأراضي المخصصة للمشاريع السكنية ضمن التصميم الأساس ببدل بيع قدره 10% قيمة الأرض… أما لو كانت الأرض خارج التصميم الأساس فتملك بدون بدل على أن لا يتم احتساب قيمة الأرض عند بيعها للمواطن!! فهنا نجد أن الأراضي تملك مجانا للمستثمر، ومع ذلك فإن أسعار الوحدات السكنية خيالية وكبيرة جدا لا يمكن لأي أحد الاقتراب منها.

السؤال هنا: لماذا لا يطعن المتباكون على عقارات الدولة بهذا النص الذي يهدر المال العام؟ لماذا لا يقوم أحدهم برفع دعوى أمام المحكمة الاتحادية العليا للطعن بعدم دستورية هذه المادة التي تنتهك حرمة المال العام، رغم أن الدستور أعطاه حرمة ومنع التلاعب به والتعدي عليه؟ حتى لو ردت المحكمة الدعوى، فإن النائب قد أدى واجبه وحافظ على المال العام، لكن للأسف كثير منهم يكتفون بالظهور الإعلامي أو إرسال الكتاب والمخاطبات الرسمية للدوائر الحكومية بهدف عرقلة أي عقد استثماري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار