سقوط نظام الأسد.. هل سيقود لإقامة إقليم للأكراد في سوريا؟
بقلم علي حسين الخفاجي|..
بعد أكثر من عقد من الصراع الدموي في سوريا، يشهد الوضع الإقليمي تحولات كبيرة وخاصةً بعد سقوط النظام السياسي في سوريا. حيث حُسمت الحرب بإنتصار الفصائل المسلحة للمعارضة في سوريا على القوات المسلحة الحكومية، بعد إنسحابهم وترك مواقعهم العسكرية ولجوء بشار الأسد الى روسيا هارباً من المحاسبة. الوضع الذي ستكون له تداعيات كبيرة على الأكراد في سوريا والعراق، وبدء ذلك بالفعل بعد الصدامات المسلحة ما بين الفصائل المسلحة للمعارضة وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” في عدة مناطق شرق سوريا.
أصبحت للأكراد في سوريا قوة مؤثرة في السياسة المحلية والإقليمية وخاصةً بعد تأسيس قوات “قسد” عام 2015، التي فرضت سيطرتها على مناطق واسعة شمال وشمال شرق سوريا حيث تمثل موطناً لأكثر من 2 مليون كردي. مما دعاهم ذلك لتقوية الأواصر مع الأكراد في العراق من خلال إقامة علاقة مع حزب “الإتحاد الوطني الكردستاني” بقيادة بافل طالباني، الذي بدوره جعل محافظة السليمانية مقراً لنشاطات قيادة قوات “قسد” مع التحالف الدولي، وكذلك تقديم الدعم اللوجستي لهم لما بينهم من شراكات أيديولوجية بخصوص القضية الكُردية.
ترفض تركيا تواجد الفصائل المسلحة الكردية في المناطق الحدودية منها، بل وتعمل على حسر مناطق النفوذ لهذهِ الفصائل كي لا تسعى لإقامة “إقليم كردستان” جديد في سوريا. لما له من تأثير على وحدة وإستقرار تركيا سياسياً وأقتصادياً، إذ أن الأكراد في تركيا وهم يشكلون تقريباً نسبة 20% من السكان و يسكنون في المناطق الغنية بالموارد الطبيعية كالنفط والغاز، ما أن يُقام حكم ذاتي لأكراد سوريا في ظل الحكومة الإنتقالية الحالية، حتى يطالبون بحقوق مماثلة لهم من حكم ذاتي أو إستقلال وخاصةً بعد تهميشهم سياسياً وثقافياً لعقود طويلة في تركيا.
أن الصراع الحاصل بين حزبي “الديمقراطي الكردستاني” بقيادة مسعود البارزاني و “الإتحاد الوطني الكردستاني” بقيادة بافل الطالباني، أثر بشكل كبير وسلبي على الأكراد في سوريا، إذ أن مسعود بارزاني رحب بتصريح الجولاني الواصف للأكراد بأنهم شركاء في الوطن وسوريا المستقبل قبل أيام عدة، معلناً دعمه للمعارضة السورية في توحيد القوى الإجتماعية دون ذكر حقوق الأكراد بالحكم الذاتي في سوريا. على عكس موقف الإتحاد الوطني الداعم لحقوق الأكراد بتقرير مصيرهم وحكم أنفسهم بأنفسهم، بحكم ذاتي ومستقل في سوريا.
كما تواجه الفصائل الكردية رفضاً من فصائل المعارضة المسلحة في سوريا من توسيع نفوذها، حيث حذر “الجولاني” قوات “قسد” بعملية عسكرية لردعهم ما لم ينسحبوا من الشرق السوري. بالإضافة الى أن فصائل “الجيش الوطني السوري” الموالية لتركيا تستعد للهجوم على مدينة “كوباني” التي هي تحت سيطرة الفصائل الكردية. وبالتالي فأن سقوط النظام السياسي السوري قد أدى لإزدياد تعقيد قضية الأكراد سوريا، وقد يواجهون المصير ذاته الذي واجهه أكراد تركيا من تهميش وتشتت وتنكيل بالقضية الكردية المطالبة بإنشاء دولة كردستان. وأحتمالية تفرد الأكراد بحكم دون سلطة الحكومة الإنتقالية الجديدة لمناطق سوريا في الشرق وشمال الشرق أصبحت ضئيلة بعد جدية تركيا و الجولاني بمنعهم، وخاصةً بعد خرق تركيا للهدنة التي قامت بتمديدها الولايات المتحدة مع قوات قسد، وإستعدادها للهجوم على مدينة “منبج” لطرد الفصائل الكردية وعوائلهم من المدينة وريفها.