‏عام على حجب موقع “ألترا عراق”

بقلم أحمد الشيخ ماجد|..

في هذه الأيام، ستمضي سنة كاملة على حجب موقع “ألترا عراق” من قبل حكومة محمد شياع السوداني. لم أكتب شيئاً عن الموضوع سابقاً باعتباري ضمن فريق الموقع. كان هناك انتظار أن يحدث أي شيء، وتعود نافذة أزعم أنها مهمة إلى الفضاء الصحفي العراقي المليء بـ”دكاكين” التحريض والطائفية والميليشياوية والخطابات الحزبية. نافذة “ألترا عراق” تمتلك خطاً تحريرياً يعرف الصحفيون أنه دائماً يحاول تقديم مادة رصينة وغير منحازة. اليوم أنا أكتب وأحاول أن أوضح ما الذي فعلته الحكومة الحالية.

‏كان موقع “ألترا عراق” منذ تأسيسه لا يتبنى أي موقف، لكنه لم يتجاهل أي انتهاك حدث. قمنا بتغطية كل شيء بجرأة لا أعتقد أنها موجودة بكثرة. تعرّضنا بسبب هذا التوجه إلى الخطر، وتركنا البلاد بسبب ما أردنا إيصاله إلى الناس. كانت هناك “ممنوعات” لا تريد السلطات أن يسلط الضوء عليها. في احتجاجات تشرين مثلاً، كل فريق الموقع غادر بغداد وأماكنه الأخرى في البلاد، وظل يعمل من بعيد ويقول إن هناك دماء تنزف على أسفلت الشوارع وقنّاصات ارتقت المباني لتفتك بالشباب. كسر الموقع إطفاء الإنترنت وأشعل الأضواء على أماكن المجازر والإعدامات الميدانية التي حاولت السلطات وميليشياتها أن تمضي بها دون أن يدري أحد. كانت هناك تهديدات جدية وملاحقات يعرفها عديدون على خلفية هذا المسار المشرّف.

‏ضمن هذا الخط، ومع صعود حكومة “الإطار التنسيقي”، أو ما يسمى بـ”حكومة المسلحين”، والتي يرأسها محمد شياع السوداني، ظل الموقع في مساره غير المنحاز. يستقبل المواد الصحفية من معظم الشباب ويقوم بتحريرها ونشرها، ويكتب فريق تحريره عن مختلف القضايا المعقدة والمتشابكة في البلاد أيضاً، لكن فوجئنا في أحد أيام تشرين الثاني 2023 بحجب الموقع، بسبب مادة صحفية كتبت عن المسار الاقتصادي لحكومة السوداني. أقول إن هذه المادة نفسها لو كتبت ببلد ديمقراطي لحصل الصحفي الذي كتبها على تكريم أو شكر، لأنها كانت تؤشر إلى “كارثة” ضمن اتفاقات مع شركة دولية.

‏ادّعي أن “ألترا عراق”، من أكثر المواقع التي انضم إليها شباب لم يكن لهم علاقة بالصحافة قبله. كان تعبيراً حراً لهم. كان الموقع صوتاً فريداً للشباب والشابات من أبناء هذه البلاد، كما هي المواقع الأخرى ضمن عائلته: “ألترا فلسطين، ألترا تونس، ألترا سودان، ألترا جزائر، وموقعه الأم ألترا صوت، وأخيراً: ميغازين”.

‏هذه التدوينة هي تذكير بما فعلته هذه الحكومة. بينما يتم الحديث عن “إنجازات” و”خدمات”، هناك العديد من الصحفيين يواجهون أقسى ما يمكن مواجهته من تضييق على حرية التعبير. الحجب بالنسبة للصحفيين هو عقوبة تشبه القتل والسجن. أنت تبني لسنوات بمؤسسة معينة وتريدها أن تنافس المؤسسات الأخرى بأخلاقيات المهنة، وتقوم ببناء فريقها الخاص، لكن بأمر حكومي غير قانوني، يتم إبعادك عن الفضاء قسراً. هذا ما حدث فعلياً. ليس هناك أمر قضائي، ليس هناك إشعار حكومي للموقع بمخالفة. استيقظنا صباحاً ووجدنا أن الموقع قد حجب، لكن على أية حال، نحن نشبه الكثير من الصحفيين في هذه البلاد؛ ما زلنا نواصل رغم الإجراءات التي تعلمها هذا النظام من عقلية صدام حسين ومجموعات البعثيين وأمراء الطوائف فيما بعد.

‏أقول إن وجد هناك بضعة برلمانيين حقيقيين لوجهوا أسئلة قانونية للحكومة: كيف تم حجب موقع دون أوامر قضائية؟ كيف تم التصرف هكذا بدون الرجوع إلى أي من السلطات المختصة؟ هذا إن وجد بضعة نواب حقيقيين..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار