كيف يُمكن إستثمار مشروع الممر الاخضر الهندي الخليجي؟

بقلم زياد الهاشمي |..

مع انطلاق مشاريع إقليمية جديده تتعلق بالنقل المتعدد الوسائط، ولا سيما مشروع الممر الاخضر بين الهند والخليج، فإن هناك قلق وتوجس عراقي من التأثيرات المحتملة لهذه المشاريع على مستقبل نجاح مشاريع النقل العراقية، ومنافسة تلك المشاريع على حصص سوقية دولية يمكن ان تكون من حصة قطاع النقل العراقي، وبالرغم من انه من المبكر تحديد التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للمشروع الخليجي على مشاريع النقل الوطنية، الا إنه وبكل الاحوال فإن التركيز يجب أن ينصب عراقياً على مبدأ ان إنشاء مشاريع النقل وتشغيلها بكفائة حسب دراسات جدوى ودراسات سوقية دقيقة، هو الوسيله الأفضل لتحصينها من تأثيرات المشاريع المنافسة.

لذلك فأن النموذج الاكثر واقعية وجدوى للعراق، هو ذلك النموذج الذي يرتكز على (محور التنمية) و(محور النقل)، ففي الجانب التنموي، يستطيع العراق أن يستغل عملية إنشاء ميناء عصري وكبير كميناء الفاو وطريق نقل بمواصفات عالية يمتد جنوباً وشمالاً كطريق التنمية، لتحريك قطاعات تنموية وطنية جديده سواء صناعية أو لوجستية أو خدمات قيمة مضافة، واستقطاب شراكات مع سلاسل إمداد دولية بهدف المشاركة في التصنيع واعاده التصدير نحو أسواق جديده خارجية، كذلك يمكن الاستفادة من مشاريع النقل الوطنية الجديده لإعاده إحياء القطاعات الصناعية شبه المعطلة، لكي تساهم من جديد في رفد الأسواق بمنتجات مطلوبه محلياً ودولياً وخلق عائدات مالية تدعم الاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، فإنه من المؤمل أن يتم إفتتاح مدينة صناعية ولوجستية في مدينة البصرة خلال السنوات القادمة حسب إعلان رئيس الحكومة العراقية، لتكون اللبنة الاولى ومفتاح نجاح مشاريع النقل العراقية وانطلاقة حقيقية للصناعة العراقية نحو الأسواق الخارجية، حيث ستكون مشاريع الميناء والطريق جاهزة لحركة التوزيع الانتاجي المحلي إضافة الى تحريك الصادرات الوطنية شمالاً باتجاه تركيا و أوروبا وجنوباً باتجاه الخليج وآسيا وافريقيا.

أما محور النقل، فيتعلق أولاً بالنقل البري والمتمثل بإكمال الربط السككي شمالا مع تركيا وجنوباً مع المنظومة السككيه الخليجيه للوصول لنموذج التكامل السككي الاقليمي والذي يتيح للعراق أن يلعب دوراً محورياً من خلال طريق التنمية لتسهيل حركة التجارة من تركيا وجيرانها جنوباً نحو الخليج، والاستفادة كذلك من هذا الطريق لتوجيه جزء من الشحنات الخليجية المنتجه في المراكز الصناعية واللوجستية الخليجية والمتوجهة الى أسواق في تركيا ودول أخرى مجاورة في شرق أوروبا. هذا التكامل الاستراتيجي في النقل سيرفع بكل تأكيد من قيمة العراق وتأثيره الجيواقتصادي في المنطقة، وسيعمل كذلك على خلق عائدات مالية تتحقق من خلال رسوم العبور التجاري للدول الاقليمية.

لكن في المقابل فإن هذا الربط قد يؤثر سلباً على الطلب الإقليمي والدولي على خدمات ميناء الفاو، بسبب إعتماد جزء من حركة التجارة على التفريغ في الموانئ المحورية جنوب الخليج العربي، وتوزيع البضائع ونقلها سككياً داخل الجغرافيا الخليجية شمالا بإتجاه المدن والدول الاقليمية ومنها ما يمر بالعراق سككياً نحو الشمال متجاوزاً ميناء الفاو، ولمعالجة هذا الاشكال المتوقع، فإنه من الممكن لإدارة محطات ميناء الفاو الوصول الى إتفاقات مع شركات الملاحة البحرية التي تسير الرحلات البحرية المباشرة بين الهند ودول الخليج وكذلك بين موانئ جنوب شرق آسيا ودول الخليج لإضافة ميناء الفاو كخدمة مباشرة ضمن جدول الرحلات الاسبوعية وبالتالي يستطيع أن يتمتع ميناء الفاو بتدفقات تجارية مباشرة تستهدف سوقه المحلي إضافة الى الاسواق الشمالية، كتركيا وجورجيا وبلغاريا، والشرقية كسوريا ولبنان، وحين يتحقق هذين المحورين وبشكل كفوء ومتزامن، يستطيع العراق أن يحقق ليس فقط مستوى عال من الحماية لمشاريع النقل الوطنية، بل ويحدث نقلة نوعية في قطاعاته الصناعية والتنموية تجعل من العراق لاعباً مؤثراً في سوق النقل وله حصة جيدة في قطاعات الصناعة واللوجستيات الاقليمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار