أزمة الدولار في العراق.. لماذا لم تستقر أسعار الصرف حتى الآن؟
خاص |..
كشف مختصون في الاقتصاد العراقي، أسباب عدم قدرة الحكومة على تحقيق الاستقرار لأسعار صرف الدولار، وفيما أشاروا إلى أن الحل يبدأ باطلاق مبادرات صناعية سريعة لإنتاج البضاعة التي تستورد بالدولار، توقعوا حصول ارتفاع في سوق النفط في ظل حراك دولي لإعادة تشكيل مصادر الطاقة والاقتصاد في العالم، وسط غياب للاقتصاد العراقي عن هذه المعادلات والتفاوضات.
وقال الخبير الاقتصادي، مصطفى حنتوش، في تصريح خص به “جريدة”، إن “الولايات المتحدة الأميركية لديها رؤية حول فوضى تجارة العراق مع إيران وسوريا وتركيا والصين، إذ بعضها يذهب لدعم دول تعاني من انهيار عملتها مثل التومان والليرة، وبعضها الآخر يؤدي إلى احراج السياسة الأميركية في المنطقة، لذلك لا ترغب واشنطن بها وتسعى إلى تقنينها”.
واستبعد حنتوش، إمكانية تطبيق الحلول التي حصلت في عهد رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، من تحديد سعر الصرف ومن ثم المحافظة عليه لفترة، عازياً ذلك إلى “عدم ثقة أميركا بالحكومة الحالية ولا حتى بمحافظ البنك المركزي التي تنظر إليها نظرة القديم الذي لم يجدِ نفعاً وفشل في الاقتصاد، لذلك الحلول الدولية لأسعار الصرف غير متوفرة”.
وأضاف، أن “الحكومة الحالية بدورها سعت إلى خفض سعر الصرف كمحاولة لعدم المضاربة بأسعار عالية تؤدي إلى توترات في الشارع وهو ما حصل فعلاً، الا أن تحدي المحافظة على سعر الصرف لم ينجح، رغم العزم الحكومي على تحقيقه، في مقابل استمرار واشنطن في عملية إيقاف هذه الفوضى التجارية ومنع وصول الدولار إلى دول لا ترغب بها”.
الحل
يدعو الخبير الاقتصادي، “الحكومة ومحافظ المركزي إلى اطلاق مبادرات لدعم الصناعة المحلية التي تعاني، فيما يرفض الأخير اطلاق أي مبادرة صناعية أو صرف أموال للصناعة، بل وصل الأمر إلى إيقاف حتى من لديه الموافقات، في المقابل، يستورد العراق بضاعات – من الدول المذكورة – ويبيعها بملايين الدولارات، مع عدم وجود حماية منتج، ولا تسعير، وليس هناك سوق منافس”.
وتحدث حنتوش عن تجربة أجراها مع عشرات محال الصيرفة في سبيل الحصول على الدولار، قائلاً: “طلبت من نحو 40 محل صيرفة بيع الدولار لغرض السفر، لكن المفاجأة كانت برفض جميع هذه المحال بيع الدولار لأسباب مختلفة، منها بزعم نفاد الأموال أو طلب الانتظار”.
معادلات دولية جديدة
في سياق منفصل، يجري في دول العالم بالوقت الراهن، “إعادة تشكيل مصادر الطاقة والاقتصاد، بعد دخول أوروبا في أزمة الوقود المهرّب والأحفوري واليورانيوم، وما حصل في أفريقيا من سلسلة انقلابات بايعاز ورعاية روسية، كانت انقلابات عسكرية في الواجهة لكنها اقتصادية بالهدف، إذ تسببت بقطع امدادات الطاقة عن أوروبا التي كانت تتزود بها عن طريق هذه الدول بأرخص الأثمان”، وفق حنتوش.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن “أوروبا مقبلة على شتاء قارس مع انقطاع امدادات الطاقة والغاز من روسيا وجزء من أفريقيا، كما انقطعت أيضاً الامدادات النفطية المهربة، إلى جانب انقطاع اليورانيوم الذي يُشّغل أغلب المحطات الكهربائية في فرنسا وغيرها، وهو ما أدى إلى ارتفاع سوق نفط”.
ولفت إلى أن “أميركا ومن خلال تواجدها في سوريا قد تعطي إيعازاً لبعض الميليشيات أو العصابات التركية بتهريب النفط لمعادلة استقرار الوضع الحالي، لأن انهيار أوروبا أمام أسعار النفط أمر غير مرغوب به لدى حليفها الأميركي، في ظل موقف عراقي غائب عن هذه المعادلات والتفاوضات الدولية”.