هل تساهم العقوبات الامريكية في دعم الاقتصاد الإيراني؟


بقلم أ.د. علاء عبدالحسين الساعدي |..

ربما يبدو في بادئ الامر عنوان هذه المقالة الصغيرة متناقض ، اذ ان الإدارات الامريكية تحاول تشديد الحصار الاقتصادي على ايران بسبب الخلافات السياسية ، وهذا ما يعرفه القاصي والداني بسبب العداء المستحكم سياسيا بين البلدين منذ عقود، حيث لجأت الولايات المتحدة الى العديد من الوسائل من اجل احكام هذا الحصار، واخر مظاهر هذه الوسائل هي التشديد على العراق في نافذة بيع العملة للحيلولة دون تدفق الدولار الأمريكي الى ايران ، عبر تطبيق منصة بيع الدولار التي دخلت حيز التنفيذ الفعلي في العراق منذ بداية سنة 2023.

وعلى الرغم من كون هذه المنصة مفيدة للدولة العراقية تنظيمياً من حيث توفيرها المعلومات المناسبة عن احجام الاستيرادات وانواعها وكافة تفاصيلها بما يدعم السياسة المالية من الناحيتين الضريبية والجمركية ، الا انها للأسف الشديد قد خلقت فجوة بين سعر الدولار الرسمي والموازي ، الامر الذي ساهم بخلق نوع من أنواع الارباك في السوق العراقية من حيث الأسعار والكلف ، والتي لابد لها من الاستقرار في نهاية الامر مع امتثال جميع المستوردين للاستيراد عبر المنصة والذي يستلزم وقت بكل تأكيد.

وامام هذه الحالة وبسبب العقوبات فان المستورد الذي يرغب بالاستيراد من الدول التي لا تسمح الولايات المتحدة لتدفق دولارها لها ( ومن ضمنها ايران ) سوف يلجأ بكل تأكيد الى الحصول على الدولار النقدي من السوق المحلي ليعمل على استدامة فجوة السعرين الرسمي والموازي وهذا ما أكده بعض مسؤولي البنك المركزي العراقي حيث أشاروا الى ان هذه الفجوة سببها حجم التبادل التجاري الكبير بين العراق وايران .

والان لنناقش اكبر بند من بنود الموازنة العامة للدولة في العراق وهو بند الرواتب والمساعدات والمعونات والتي تتجاوز الـ 60 ترليون دينار إضافة الى المبالغ المدفوعة الى المتقاعدين (حوالي 15 ترليون سنويا) لنجد انها تدفع لشريحة الموظفين والمتقاعدين وهؤلاء اغلبهم ولنقل 80% منهم من فئة محدودي الدخل والذين يستهلكون اغلب مدخولاتهم في سد حاجاتهم المعيشية اليومية ، والتي يؤثر عليها أي تغير في القيمة الحقيقية لتلك المدخولات نتيجة وجود فرق بين السعر الرسمي للدولار والسعر الموازي.

امام هذا الامر لنناقش عملية استمرار وجود فجوة بين السعر الرسمي والموازي للدولار – أي بكلمات أخرى – تناقص القيمة الحقيقية لمدخولات الافراد من جانب ، وسعي هؤلاء الافراد لسد حاجاتهم المعيشية بنفس المستوى من جانب اخر ، فأن هذا الامر سيحول سلوكهم الاستهلاكي الى نفس السلع او سلع مشابهة على ان تكون رخيصة لتغطية الفرق والنقص الحاصل في مدخولاتهم الحقيقية نتيجة فجوة سعر الدولار الرسمي والموازي وهذه الميزة لا تستطيع جميع دول الجوار الخليجية او تركيا او الأردن توفيرها لاسباب عديدة تتعلق بسعر عملتهم (العالي نسبياً) الثابت اما الدولار او تكاليف النقل وغيرها من الأمور لنجد ان الدولة الوحيدة القادرة على سد الطلب الجديد هي ايران وذلك لتوفر عوامل كثيرة أهمها سهولة النقل والوصول جغرافياً واعتمادهم على مفاهيم اقتصاديات الحجم الكبير في الإنتاج مما يساهم بتقليل الكلفة ويضاف لها امر اخر مهم وهو انخفاض قيمة عملتهم مقابل الدولار مما يساعدهم على سد الطلب الجديد.

خلاصة الامر فأننا نعتقد ان التشدد في متطلبات البنك الفيدرالي الأمريكي من الدولة العراقية في منصة بيع الدولار والتي خلقت فجوة بين سعر الدولار الرسمي والموازي في العراق ستعمل بشكل او بأخر في زيادة الطلب على السلع والمنتجات الإيرانية وستزيد من حجم التبادل التجاري بما يسهم في دعم الاقتصاد الإيراني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار