العقوبات الإيرانية بين الواقع السياسي والجدل القانوني

د.حسام ممدوح
أثار الإعلان الإيراني الرسمي عن إنتهاء العقوبات على إيران وخروجها من طائلة قرار مجلس الأمن الدولي (2231)، جدلاً قانونياً ولغطاً سياسيّاً بين من اتجاه يرى صحّة الموقف الإيراني من الناحية القانونية وآخر يرى أن هناك متعلقات قانونية مرتبطة بالقرار الأممي لم تنجزها إيران إلى الآن.
فالقرار المتخذ عام 2015 واستناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة -المرتبط بالإجراءات القسرية- وضع خطة عمل مشتركة بين إيران ومجموعة (5+1) ولمدة 10 أعوام، تتقيّد فيها إيران في مجال الأسلحة والصواريخ والتكنولوجيا النووية، على أن تفعّل العقوبات على إيران مباشرةً في حال مخالفتها للاتفاق -ما يصطلح عليه بـ(آلية الزناد)-، وهذا ما قامت به دول الترويكا الأوربية خلال الشهر الماضي عندما أعلنت انسحابها من الاتفاق لتقع إيران تحت طائلة عقوبات دولية جديدة.
لكن إيران لم تعنَ كثيراً بالعقوبات التي فرضت عليها مجدداً، وانتظرت إنتهاء مدة القرار الدولي وهذا ما حصل في الثامن عشر من تشرين الأول الجاري، إذ رأت أيران أنها أوفت بإلتزاماتها وفق القرار وطالما لم يصدر مجلس الأمن قرار جديداً بحقها فهي باتت في حل من الالتزامات الدولية وعلى مجلس الأمن نقل ملفها النووي إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية على اعتبار أنها تمتلك برنامجاً نووياً سلميّاً كحال اليابان وألمانيا.
الموقف الإيراني أيدته دولتي روسيا الاتحادية والصين الشعبية، ووجهت الدول الثلاث خطاباً رسمياً لمجلس الأمن تؤكد فيه على صحّة الموقف الإيراني من الناحية القانونية باعتبارها أوفت بإلتزاماتها الدولية فيما شدّدت على بطلان إجراءات دول الترويكا الأوربية في تفعيل (آلية الزناد) بحق إيران كون دول الترويكا لم تفِ بإلتزاماتها المترتبة عليها وفقاً للقرار الأممي.
وبمقابل هذا الموقف، يرى اتجاه قانوني آخر أن موقف إيران يشكّل موقفاً فردياً ولا يلزم دول العالم الأخرى، إذ أن مجلس الأمن لم يلغِ القرار (2231)، كما أن الفقرة (11) من الملحق (A) تسمح بإعادة فرض العقوبات على إيران مالم يعلن المجلس إنتهاء مدة العمل بالاتفاق.
الموقف أعلاه والذي يعبر عن موقف دول الترويكا ينطلق من مفهوم (الاستمرار الضمني) للقرارات الصادرة تحت البند السابع من ميثاق منظمة الأمم المتحدة، والتي لا تنقضي صلاحيتها إلاّ بقرار صريح من مجلس الأمن.
ختاماً، من الناحية القانونية الشكلية فإن الموقف الإيراني يعبر اليوم عن تفسير أحادي الجانب للقرار الأممي، والذي لا يسقط بنهاية مدته وإنما بإصدار مجلس الأمن قراراً بذلك، كما حصل في قرارات رفع العقوبات عن العراق وليبيا ويوغسلافيا، وكما تؤكد على ذلك المادة (27) من الميثاق.
بالتالي فقضية القرار (2231) دخلت اليوم في أتون تعقيد قانوني بين تيارين أحدهما يتبنّى التفسير الإيراني والآخر يعارضه.
لكن من الناحية السياسية، باتت اليوم إيران تمارس سلوكاً مغايراً لإعادة توصيف وضعها كدولة “نووية سلمية طبيعية” خارج نطاق المتابعة الخاصة لمجلس الأمن.


