عيش اللحظة.. روح الحياة التي نُفَرِّط في استغلالها في أحايين كثيرة

بقلم/ أحمد رباح السامرائي

نعيشُ في زمن التحضير المُسْبَقْ لزمنٍ وتوقيتٍ مُستقبلي، جاهلين أو مُتجاهلين توافر اللحظة الآنيَّة التي بأيدينا، باحثين عن بداية يُخَيَّل لنا أنها ستكون الأفضل. فما بين وقت التجهيز والتخيُّل للمستقبل المُتَخَيَّل، تَمُرُّ اللحظات التي لن تُعَوَّضْ، وينفد رصيد العمر شيئًا فشيئًا، مُتناسين أن العُمْر يُقاس باللحظات، التي تُكَوِّنُها وتتكوَّنُ من خلالها الدقائق والساعات!   

قد يخلط أحدهم بين التحضير للمشروعات الأدبية أو الصناعية أو التنموية أو غير ذلك، وما تحتاجه تلك المشروعات من جمع شتات الفكر حولها، وتجهيز الأدوات التي تخدمها، وبين انتظار الوقت المُناسِب واللحظات التي يصعب التَنَبّؤ بظروفها، من أجل البداية التي يريد أن يهجم من خلالها على الطموحات والمشاريع المتنوِّعة، على اختلاف أنواعها وكثرة أعدادها؛ فالأوَّل، وأعني التحضير لبداية المشروع، من بوادر نجاح ذات المشروع قبل بدايته، أمَّا الثاني، الذي يُفَسَّر بكونه – انتظارًا لبداية مجهولة الظروف وتبذيرًا لنعمة البَقاء -؛ إنَّما يؤدِّي لخُسران اللحظات، وفوات وقتٍ من أوقات الصناعة والابتكار والانجاز.

إنَّ الذَكيّ المُوَفَّقْ، من قرَّر أن يعيش حياته كسلسلةٍ مُترابطة الحلقات، في مواقفها، في منحها ومحنها، فَيُعالِج الخَلَلْ، ويُحافظ على المُكْتَسَبْ، ولا يُفَرِّط بلحظات حياته – التي بين متناوله -، بانتظار أُخرى يَجْهَل ويُجْهَل معرفة أحوالها. فاللحظة هي مادة حياتنا، وعيشها واجبٌ، والابتكار والانجاز فيها، ورعايتها بالاستفادة القصوى منها؛ هو أعلى ما يصل إليه الحريص، وأكمل ما يغنم به الأريب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار