العراق بين الانسحاب الأمريكي وتنامي النفوذ الإيراني: إلى أين؟

بقلم/ الباحث الأمني عبدالغني الغضبان
منذ 2003 والعراق يعيش على وقع تدخلات خارجية جعلته ساحة صراع. فبين النفوذ الإيراني المتصاعد، والوجود الأمريكي الذي انسحب عسكريًا، والتدخل التركي في شمال البلاد، يجد العراق نفسه محاصرًا بثلاث قوى خارجية متنافسة، فيما يغيب المشروع الوطني الجامع.
الانسحاب الأمريكي.. فراغ بلا سيادة
خروج القوات الأمريكية لم يمنح العراق استقلالية القرار، بل فتح الباب أمام تمدد إيران عبر وكلائها السياسيين والعسكريين. وفي الشمال، ترك الانسحاب الساحة أوسع أمام التدخل التركي المباشر.
الأحزاب الموالية لإيران.. دولة مرتهنة
الأحزاب والشخصيات المقرّبة من طهران اعتبرت الانسحاب “انتصارًا”، لكنها عمليًا رسّخت تبعية العراق للخارج. فهي تتحكم بالقرار السياسي، وتستقوي بالسلاح والمال الإيراني، ما جعل العراق أقرب إلى ساحة نفوذ إيراني منه إلى دولة ذات سيادة.
السنة.. مخاوف من التهميش والفوضى
المكوّن السني ينظر إلى الانسحاب بعين القلق. فغياب التوازن الدولي وتصاعد نفوذ إيران يثيران مخاوفهم من العودة إلى دائرة التهميش، ومن احتمال استغلال الفوضى الأمنية من قبل الجماعات المتطرفة.
الأكراد.. بين أنقرة وطهران
الأكراد يجدون أنفسهم بين فكي كماشة: نفوذ إيراني في بغداد وضغوط تركية في الشمال بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني. ومع غياب الوجود الأمريكي، يخشى الأكراد فقدان الحماية التي كانت تتيح لهم هامشًا أكبر من المناورة السياسية.
الحقيقة المرة
العراق اليوم ليس سيدًا على أرضه. إيران تضغط من الداخل، تركيا تتوسع من الشمال، وأمريكا انسحبت تاركة فراغًا لم يملأه مشروع وطني، بل صراعات إقليمية متشابكة.
خاتمة: السيادة لا تتحقق بالشعارات
المستقبل مرهون بقدرة العراقيين على مواجهة هذه التدخلات. فإذا بقيت الأحزاب الموالية للخارج تتحكم بالقرار، واستمرت التدخلات التركية والإيرانية بلا رادع، فإن العراق مهدد بفقدان ما تبقى من استقلاله. فالسيادة ليست شعارًا، بل قرار وطني حر يضع مصلحة العراق فوق مصالح الآخرين