الانسحاب من الانتخابات.. موقف شريف أم هروب تكتيكي؟ – تحليل حسن العامري

خاص|
أكد المحلل السياسي حسن العامري أن الانسحابات المتكررة من السباق الانتخابي لا تعكس فقط رفضًا لاستغلال موارد الدولة، بل تنبع من أسباب متشابكة ومتداخلة، في مقدمتها غياب الثقة بنزاهة العملية الانتخابية، خاصة بعد تجارب انتخابية سابقة لم تُفضِ إلى تغييرات ملموسة في الواقع السياسي.
وأشار العامري، في تصريح لـ”منصة جريدة” إلى أن “تصريحات رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني ساهمت في ترسيخ حالة الشك وعدم الثقة لدى الشارع، مما فاقم من حالة الإحباط السياسي”.
وأضاف أن “استحواذ الأحزاب الكبيرة على مفاصل الدولة والإعلام والمال العام خلق بيئة تنافسية غير متكافئة” متسائلاً: “كيف يمكن لمرشح لا يملك حتى ثمن الملصقات الدعائية أن ينافس شخصية تملك المليارات؟ لقد تغيّرت إمكانيات المسؤول بعد المنصب، ولا يمكن مجاراته حتى بأحدث العلوم والخوارزميات”.
ونوّه العامري إلى أن “بعض القوى تشعر بأن نتائج الانتخابات محسومة مسبقًا، أو أن التزوير بات محتملًا”، مشيرًا إلى أن “المشكلة الأكبر تكمن في أن من يروج لاحتمالات التزوير هم بعض المسؤولين أنفسهم، بقصد أو بغير قصد”.
وفي جانب آخر، انتقد العامري غياب البيئة القانونية الضامنة للعملية الانتخابية، لاسيما مع قانون انتخابي مثير للجدل، ومفوضية لا تُعد مستقلة بالكامل، فضلًا عن التدخلات والضغوط التي تتعرض لها المحكمة الاتحادية، وغياب التطبيق العملي لمبدأ الفصل بين السلطات.
كما رأى أن البرلمان العراقي بات في نظر الكثيرين مؤسسة عاجزة عن محاسبة الفاسدين، رغم وجود بعض النواب الشرفاء الذين لم يتمكنوا من تحقيق أي تغيير يُذكر.
وختم العامري بالقول إن “بعض الانسحابات تأتي لدوافع تكتيكية، إما لتحصيل مكاسب تفاوضية، أو لتجنّب الإحراج الشعبي بعد تراجع الدعم الجماهيري”، مؤكدًا أن “الانسحاب لا يمكن وصفه دائمًا بالموقف الشريف، ولا اعتباره دومًا هروبًا من المواجهة، بل هو مزيج بين الاثنين، حسب الجهة المنسحبة وظروفها السياسية”.