“مصنع الأبطال” يهتز تحت شمس الناصرية.. الأعسم يُحمل الضباط مسؤولية الفاجعة

خاص

قال الخبير الأمني صفاء الأعسم إن الكلية العسكرية تمثل مصنعاً للأبطال، وتُعِدُّ الشباب ليكونوا رجالاً قادرين على الصبر والتحمل في أقسى الظروف، لكن ذلك لا يبرر تجاوز قدرة المتدربين البدنية، وتعريضهم لمخاطر قد تصل حد الوفاة.

وأوضح الأعسم في تصريح خاص لـ”منصة جريدة”، أن “تجربة التدريب العسكري تمتد لسنوات طويلة، وأنا أتحدث عن واقع أعرفه منذ عام 1980، فالتدريب القاسي كان جزءاً من صناعة المقاتل القوي، لكن لا يمكن تبرير الوقوف تحت أشعة الشمس بدرجات حرارة تتجاوز 48 مئوية ولمدة تصل إلى 8 ساعات، فهذا يتجاوز حدود التحمل البشري، وقد يؤدي إلى الوفاة حتى لمن يملكون بنية جسدية قوية”.

وحول ما إذا كانت عقوبة الإقالة كافية، بيّن الأعسم أن “أمر الكلية العسكرية، الفريق ناصر الغنام، إذا كان قد أعطى التوجيه المباشر بتنفيذ التدريب بهذه الشدة وتحت هذه الظروف، فإنه يتحمل مسؤولية وفاة الطالبين، أما إذا كان الأمر ناتجًا عن تصرف فردي من آمر الفوج الذي كان يشرف على التدريب، فيجب محاسبة الأخير بأشد العقوبات، لأنه لم يكن يعيش معهم الظروف نفسها، ولو عاشها، لكان قد تعرض هو الآخر لما تعرض له الطلبة”.

وأشار إلى أن “عدد أفراد الفصيل الذين شاركوا في التدريب تجاوز العشرين طالبًا، وقد تعرض ثمانية منهم لحالات إغماء، توفي اثنان منهم، وهذا يُظهر بوضوح أن ظروف التدريب كانت قاسية، وأن هناك تفاوتاً في قدرة الطلبة على التحمل، لكن ذلك لا يعفي المسؤولين من المحاسبة، وعلى رأسهم آمر الفوج”.

وتابع الأعسم بالقول: “العقوبة لا يجب أن تقتصر على الإخراج من الخدمة، بل يجب أن تمتد إلى المحاسبة القانونية، لأن هناك تجاوزًا واضحًا على التعليمات وظروف البيئة المناخية. من المعروف أن درجة الحرارة في الناصرية وصلت حينها إلى 48 مئوية، وهي درجة لا تسمح بإجراء تدريبات في الهواء الطلق، وفق أي معيار مهني أو طبي”.

وأضاف: “الكلية العسكرية تبقى مصنعاً للرجال، وهذا لا خلاف عليه، لكنها في الوقت ذاته يجب أن تخضع لضوابط صارمة في اختيار الطلاب، وفي تنظيم التدريبات، بما يراعي سلامتهم. عندما كنّا نقبل في الكلية، كنا نخضع لاختبارات بدنية قاسية، منها الجري لمسافات طويلة، وتسلق الحبال، والقيام بتمارين متقدمة، لنتأكد من أننا مؤهلون فعلاً لهذا المسار”.

وختم الأعسم تصريحه بالقول: “هناك خلل واضح في منظومة القبول والتدريب، وهذا ما دفع القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، إلى اتخاذ قرارات فورية بإيقاف عدد من الضباط، وإحالتهم إلى التقاعد، وهي خطوة صحيحة تُظهر نية الدولة في تصحيح المسار، وأتوقع أن تُعاد مراجعة معايير القبول، وشروط التدريب، بشكل أكثر دقة في المستقبل القريب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار