إحاطة شاملة وكواليس.. لقاء مكي يكشف تفاصيل “مثيرة” عن لقاء الشرع – السوداني

في الدوحة

خاص|

قدم الباحث في مركز الجزيرة الدكتور لقاء مكي تفاصيل وكواليس عن لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالرئيس السوري أحمد الشرع، والذي جرى في العاصمة القطرية الدوحة.

وقال مكي لـ“منصة جريدة” إن  “الصورة التي نُشرت حول اجتماع السوداني والشرع، من الواضح أنها ربما سُربت من الجانب القطري، لأن الاجتماع عُقد عندهم، ومن غير المنطقي أن يأتي مصورون مع السوداني أو الشرع، لكن، متى عُقد الاجتماع؟ المعروف أن الشرع زار قطر قبل ستة أيام، ثم توجه إلى بيروت وكان لديه اجتماعات هناك، وبعد ذلك جاء الرئيس اللبناني، ثم جاء السوداني لاحقاً، ومن المفترض أنه أتى من العراق”.

وبحسب مكي، فإن “هذه التوقيتات فيها بعض الارتباك؛ لأن رفع الأعلام العراقية واللبنانية جرى أثناء وجود السوداني، وكأنهم يقولون إن رئيس الوزراء العراقي والرئيس اللبناني قادمان، لكن قبل مجيء الشرع بيوم، رُفعت الأعلام السورية في الديوان الأميري، وأعتقد أن ذلك تم بالتنسيق”.

وأضاف: “أظن أن حتى تسريب الصورة لم يكن خطوة فردية، بل تم الاتفاق عليها بين الأطراف الثلاثة، بحيث يكون الإعلان من خلال الصورة، ثم تصدر بيانات لاحقاً توضح طبيعة المناقشات التي جرت، وذلك لتلافي ردود الفعل، وربما هذا جرى بطلب من السوداني نفسه، لأن الشرع لا أعتقد أن لديه مشكلة في التعامل مع السوداني، لكن السوداني هو من لديه الحرج الحقيقي”.

وتابع: “إذا لاحظتم، الوثائق الخاصة بأحمد الشرع، مثل صحيفة أعماله داخل السجن وصوره، نُشرت قبل إعلان اللقاء بحوالي 24 ساعة، من الواضح أن الحكومة العراقية هي التي سربت هذه الوثائق، سواء عبر السوداني أو أطراف مقربة منه، وأظن أن الهدف منها كان التمهيد للإعلان عن اللقاء، وهذه الوثائق كانت تخدم السردية التي تقول إن الشرع لم يرتكب جرائم، بل اعتُقل من قبل القوات الأمريكية، لا من قبل الحكومة العراقية”.

وأوضح مكي أن “الشرع سُجن ست سنوات، واعتقل من قبل الأمريكيين، ثم سُلم إلى الحكومة العراقية عام 2012، التي أطلقت سراحه لاحقاً ولم يعد للعراق إلا بعد فترة، وهذا يعني أنه لم يكن متواجداً في العراق طوال فترة الحرب الطائفية، لأنه كان في السجن، ثم خرج وذهب ليعمل في بلده. فمتى ارتكب الجرائم كما يُشاع؟ ناهيك عن أن الحكومة العراقية بعد ست سنوات من اعتقاله أعلنت أنه بريء من كل التهم وغير مطلوب، وكل هذا يُعزز سردية السوداني والحكومة بأن الرجل بريء من دماء العراقيين، وأن ما يُشاع عنه هو محض افتراء”.

وأشار إلى أن “هذه الكراهية الموجهة نحو الشرع لا علاقة لها بسيرته، بل بمذهبه وسقوط نظام الأسد، الذي كان مقرّباً من إيران، فخسارة النظام السوري بالنسبة لبعض الأطراف كانت صادمة، لذلك اختُرعت مبررات مثل تهم الإرهاب وداعش وجرائم مفترضة لتبرير هذه الكراهية”.

وأكد مكي أن “السوداني فكر بعقل رجل دولة، واعتبر أن من مصلحة العراق فتح العلاقات مع سوريا الجديدة، وهذا ما سعى إليه منذ البداية، عندما أرسل مدير المخابرات وتحدث عن تنسيق أمني، وهو يعتقد أن العراق لا يجب أن يُدار بالعواطف، خاصة في وقت تؤكد فيه دول عربية مثل قطر والسعودية أنها لن تحضر القمة إذا لم يُدعَ الشرع، وبعد أن تم الاعتراف بالشرع دولياً، لم يعد هناك مبرر للتجاهل”.

واسترسل، “لذلك، إطلاق الوثائق قبل نشر الصورة ثم صدور البيان، يؤكد وجود تنسيق دقيق بين القادة الثلاثة حول توقيت الإعلان، وهذا يكشف أن الأمر لم يكن عشوائياً، بل خطة مدروسة لتحصين اللقاء من أي تدخل أو عرقلة داخلية أو خارجية، ربما تصدر لاحقاً قطر بياناً رسمياً تقول فيه إنها جمعتهم، لكن التفاصيل المرتبطة بالتوقيتات تؤكد أن الأطراف الثلاثة أرادت التكتم أولاً، حتى لا تتدخل أطراف سياسية لإفشال اللقاء، خاصة مع وجود ضغوط على السوداني كي لا يأتي، وهذا ما كان سيخرب اللقاء بالكامل”.

وأشار مكي إلى أن “هذا الاجتماع هو جزء من التحضير للقمة العربية المقبلة، والعراق يريد أن تظهر القمة بأفضل صورة ممكنة، والسوداني يدرك تمامًا التبعات السياسية المترتبة على هذه الخطوة داخليًا”.

 

وتابع قائلاً: “بلا شك، ستكون هناك ردود فعل داخل العراق، لكن السوداني جاء وهو يعرف تمامًا ما سيلاقي، ومع التقارب الحاصل الآن بين إيران والسعودية، والمفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة، أعتقد أن هناك من سيتنبه إلى ضرورة أن تعمل كل الأطراف السياسية وفق منطق المصلحة لا العداء”.

وأضاف: “ليس من المنطقي أن نصبح نحن أكثر تشددًا من المعنيين أنفسهم. قد تُطرح تساؤلات في النقاشات الداخلية من نوع: لماذا أنتم غاضبون بهذا الشكل؟ السعودية كانت تُوصف سابقًا بمركز الشر، واليوم يُستقبل وزير دفاعها في إيران، ويُخاطَب بلغة ودية ويُوصفون بالأشقاء من قبل الإيرانيين، في الوقت الذي يشهد فيه العالم مؤشرات إيجابية للتفاهم بين الإيرانيين والأمريكيين”.

وأوضح أن “العلاقات مع سوريا لم تتحول إلى تحالف وثيق بعد، وما جرى حتى الآن لا يتعدى كونه تنسيقًا، وليس ارتباطًا عميقًا، وبالتالي فإن السلوك الإقليمي، وخاصة سلوك إيران، قد يُساعد في تمرير هذه الحجة داخل العراق”.

وختم مكي حديثه بالقول: “رغم أن بعض الأطراف قد تستمر في التصعيد الإعلامي وتعتمد على الخطاب الشعبوي لمغازلة الشارع، خاصة في ظل التحضير للانتخابات، إلا أن هذه المسألة ستمر، والقمة ستُعقد، والرئيس السوري سيُستقبل بتكريم رسمي، ومن يعترض، فليعترض، لكنها لن تُفشل، ولن يُمنع الشرع من الحضور، ولن يعود في تابوت كما يُروَّج، ومع الوقت ستتراجع الأصوات الرافضة، أو على الأقل ستُغطي عليها التحالفات الانتخابية والمصالح السياسية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار