إقليم الجنوب… ردة فعل انفعالية

بقلم/ مجاشع التميمي

أثارت تصريحات النائب حسين مؤنس بشأن إمكانية استقلال الشيعة في جنوبي العراق، بالإضافة إلى حديث رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في السياق ذاته، ردود فعل وخلافات بين الأوساط السياسية العراقية. ولابد من تحليل الأسباب التي دفعت النائب مؤنس، وقبله السيد المالكي، إلى اتخاذ هذا الموقف. فما هي الأسباب التي دفعت اثنين من قيادات الإطار التنسيقي إلى هذا الإعلان في ظل الظروف التي تشهد تصعيدًا داخليًا وإقليميًا ودوليًا؟

التصريحات لا يمكن أن تكون عفوية أو مجرد زلة لسان، بل هي انفعالية وتنطوي على تهديد واضح بهدف تخفيف التصعيد والتصريحات المضادة لقوى الإطار التي تعتبر جزءًا من المحور الإيراني ضد أمريكا ومحورها العربي الإسرائيلي. إيران، التي فقدت أهم موقع لها في جبهة المقاومة وهو نظام بشار الأسد، وتعاني من تراجع واضح في جبهتي لبنان وحماس، بدأت تشعر بالقلق هي وحلفاؤها من خسارات جديدة، ويبدو أن العراق أصبح في قلب المواجهة. خاصة وأن التهديدات الأمريكية لعراق المقاومة وليس العراق الرسمي أصبحت أكثر وضوحًا، وهناك من يتحدث عن تنفيذ أمريكا وحلفائها لتهديداتهم في الشهر المقبل أو في مايو، من خلال فرض عقوبات وضغوط قصوى على إيران وحلفائها، رغم الجهود المبذولة من قبل الأطراف الفاعلة، وخاصة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، لتقريب وجهات النظر.

مع مرور الوقت، تتزايد الضغوط على إيران وحلفائها، والوصول إلى القناعة بأن الولايات المتحدة قد حسمت موقفها تجاه إيران دفع المرشد الإيراني السيد علي خامنئي إلى اتخاذ قرار سحب ورقة التفاوض من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وفريقه. وتحت ضغط التيار المحافظ، اضطر مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية جواد ظريف إلى تقديم استقالته، وهي ليست استقالة من منصب بل تتعلق بالمفاوضات مع واشنطن، وهو دليل على أن القيادة الإيرانية اتخذت قرارها بأنها لن تسمح لطرف داخلي اعتاد القيام بهذا الدور أن يعود إليه مجددًا للتفاوض.

بالعودة إلى موضوع استقلال المحافظات الجنوبية العراقية، فإن هذا الطرح في رأيي يأتي ضمن هذا السياق كأداة ضغط إيرانية-عراقية (إطارية) للتصدي للتهديدات الأمريكية والوقوف في وجهها. لكن السؤال هنا: هل سينتعش الجنوب في حال استقلاله من خلال حصر خيراته لأهله الذين يعانون في غالبهم من الفقر والبطالة؟ الجواب قد يتضح إذا طرحنا سؤالًا آخر: هل إيران، بحجمها وإمكاناتها وثرواتها، استفادت من شيء؟ ولابد من التذكير هنا بأن الاقتصاد الدولي بيد أمريكا. مادام الدولار هو القوة المهيمنة في العالم، وأكثر من نصف البورصات هي أمريكية، فلا مكان لأي دولة أن تستقل عن الهيمنة الأمريكية. وواشنطن، التي أصبحت القوة الأكبر، ليست الدولة العادلة، خاصة في ظل إدارة جديدة برئاسة ترامب التي لا ترحم. وما شهدته غزة وجنوب لبنان من مآسٍ وموت بالآلاف هو دليل قاطع على غياب العدالة والإنصاف والرحمة والإنسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار