المسكوت عنه في الأمر الولائي للمحكمة الاتحادية

بقلم سلام مكي|..

ضجة إعلامية وسياسية واجتماعية كبيرة، خلفها القرار الصادر من المحكمة الاتحادية العليا يوم أمس والقاضي بوقف تنفيذ قوانين العفو العام والأحوال الشخصية والعقارات، عقب طلب عدد من النواب إصدار أمر ولائي بإيقاف العمل بتلك القوانين لحين حسم الدعاوى المنظورة أمام المحكمة والتي تطعن مرة بعدم دستورية ما ورد في تلك القوانين من نصوص، ومرة بعدم دستورية التصويت عليها دفعة واحدة. ما يهمنا في هذا المقال، الحديث عن جانب مسكوت عنه، لم يتطرق إليه الاعلام ولا حتى المختصون في الشأن القانوني، إذ أن الذي طغى هو تصريحات بعض السياسيين وردود الأفعال الكثيرة على القرار القضائي، والتي كانت في أغلبها انفعالية، تعبر عن وجهة نظر آنية، وقد تراجع بعض من أطلق تصريحات عن موقفه، في اليوم التالي. الأمر المسكوت عنه، يتمثل بالالتفاف على الاتفاقات السياسية، عبر القول بشيء والعمل بشيء آخر. ما أعنيه هو نائب في مجلس النواب، قاتل لأجل تعديل قانون الأحوال الشخصية، ولم يبد أية ممانعة أو اعتراض على العفو العام، ووافق على أن يكون مقابل الأحوال الشخصية. ولأن التصويت على القوانين كان مرة واحدة، فهو بالتأكيد قد صوت على قانون الأحوال الشخصية الذي قاتل كما قلنا لأجل إقراره، وهو ما يعني أنه صوت بالضرورة على العفو العام، لأن الأيدي التي رفعت للتصويت على القوانين الثلاثة كانت تقصد العفو العام والأحوال الشخصية والعقارات، وليس للأحوال الشخصية فقط! فالأخ النائب، صوت على القوانين الثلاثة، لأنه كان مضطرا لذلك، لأن مشروعه لن يمر، إلا بهذه

الطريقة، لكنه قرر أن يرمي الكرة بملعب المحكمة الاتحادية، أي أنه صوت من هنا على القانون، ثم ذهب الى المحكمة الاتحادية ليطعن به!! في محاولة للالتفاف على ما ألزم نفسه به.

نعود للأمر الولائي المثير للجدل، لنجد أن هنالك عددا من النواب، قدموا طلبات مختلفة تتعلق بالقوانين الثلاثة. فالنائب أمير المعموري، طلب من المحكمة الحكم بعدم دستورية قيام مجلس النواب بالتصويت دفعة واحدة على القوانين، وطلب إصدار أمر ولائي بإيقاف تنفيذ تلك القوانين لحين البت في الدعوى.

النائب يوسف الكلابي، كذلك طلب الحكم عدم صحة اجراءات التصويت على القوانين دفعة واحدة، وطلب أن يكون التصويت وفقا للسياقات الدستورية والقانونية.

النائب باسم خشان أوضح أن سبب طعنه هو عدم تحقق الأغلبية البسيطة المطلوبة للتصويت!

أما النائب رائد المالكي الذي يعد عراب تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، فكلنا نعرف أن ثمن التصويت على القانون هو التصويت على قانون العفو العام، وإن التصويت على القوانين الثلاثة، يعود الى عدم الثقة بين جميع الأطراف، لأن هناك من يعتقد أن التصويت على قانون واحد، لا يضمن قيام الطرف الآخر التصويت على القانون الآخر، لذلك، اتفق الجميع على أن يكون التصويت دفعة واحدة، حتى يضمن كل ذي حق حقه، وفعلا حصل ما حصل، ولعل النائب رائد المالكي، أحد الشخصيات الرئيسة التي كانت تتفاوض مع باقي الكتل السياسية للتوصل الى آلية تضمن التصويت على جميع القوانين، ولعله توصل مع الباقين الى هذا الحل. لكننا نجده اليوم، يطلب من المحكمة الاتحادية أن تحكم بعدم دستورية عدد من فقرات قانون العفو العام!! نعم، هو لم يرفضها داخل مجلس النواب، بل صوت عليها، والسبب حتى يضمن قيام الطرف الآخر التصويت على قانونه، لكنه حمّل المحكمة الاتحادية مسؤولية قانونية ودستورية، يفترض أنه هو يقوم بها. السيد النائب طلب الحكم بعدم دستورية النصوص التي تتحدث عن شمول سراق ومختلسي المال العام، كما طلب الحكم بعدم دستورية الفقرة التي توجب إعادة التحقيق والمحاكمة والتي وردت في التعديل الأخير للعفو العام والتي أصلا كانت موجودة في نص القانون الأصلي قبل التعديل!! وهنا نسأل: لماذا لم يعترض السيد النائب على تلك النصوص داخل مجلس النواب؟ لماذا لم يقل صراحة وأمام جميع النواب أن إعادة التحقيق والمحاكمة مخالفة للدستور داخل قاعة مجلس النواب؟ ولماذا صوت عليها؟ هنا ندعو المحكمة الاتحادية الى ملاحظة هذا الجانب المهم والذي يسعى من خلالها بعض النواب الى تمرير مخططاتهم السياسية عبر المحكمة، التي هي أسمى وأجل من أي محاولات سياسية تهدف الى الالتفاف على حقوق الناس وحرياتهم التي يعول على قانون العفو العام لكي يحصلوا عليها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار