“كذبة القرن” أم استقلال القضاء؟.. بين المبالغة السياسية وحسم العدالة

بقلم صفاء الشمري|..

يمكن قراءة وصف رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للتسريبات الصوتية بأنها “كذبة القرن”، وإثارة التساؤلات حول استقلال القضاء من عدة زوايا:

عدم التوفيق في الوصف

المبالغة في التعبير:

وصف التسريبات بـ”كذبة القرن” قد يبدو مبالغًا فيه، خاصة إذا لم تتضح تفاصيل التسريبات بشكل كامل أمام الرأي العام.

الوصف قد يُثير انطباعًا بأن الحكومة تحاول التقليل من أهمية التسريبات عبر إضفاء طابع درامي عليها، مما قد يؤدي إلى عكس النتيجة المرجوة.

التأثير على القضاء مثل هذه التصريحات قد تُفهم على أنها محاولة لتوجيه الرأي العام وحتى القضاء نحو اتجاه معين، مما قد يضع استقلالية القضاء محل تساؤل، حتى لو لم يكن هناك تدخل فعلي.

فقدان التركيز على الحقائق الوصف الدرامي قد يُبعد الأنظار عن جوهر القضية )التسريبات نفسها( ويركز على الرد الحكومي، مما يشتت الجهود لكشف الحقيقة.

اثبات استقلالية القضاء:

القضاء يعمل وفق القانون فقط:

إذا كان القضاء العراقي قد أصدر حكمه بناءً على أدلة ملموسة بعيدًا عن التصريحات السياسية، فهذا يعزز فكرة استقلال القضاء وأنه لا يتأثر بالضغوط السياسية.

التزام السوداني بعدم التدخل المباشر إذا لم يكن لرئيس الوزراء أو مكتبه أي تدخل مباشر في سير القضية، فهذا يُظهر أن النظام القضائي العراقي قادر على التعامل مع القضايا الحساسة باستقلالية.

أثر التصريحات على استقلال القضاء:

الشبهة بالتأثير غير المباشر:

تصريحات من هذا النوع قد تُفسَّر على أنها رسالة غير مباشرة للقضاء، حتى لو لم تكن مقصودة. التوازن ضروري في مثل هذه القضايا لضمان عدم المساس بمصداقية القضاء.

التحديات أمام القضاء

القضاء يُواجه ضغوطًا مزدوجة التعامل مع القضية بحياد كامل، وفي الوقت نفسه تفنيد أي ادعاءات بالتأثر بالخطاب السياسي.

التوصيف الأنسب

كان من الأفضل استخدام توصيف أكثر حيادية، مثل وصف التسريبات بأنها “ادعاءات باطلة” أو “محاولة للتأثير على استقرار الحكومة”، بدلًا من “كذبة القرن”، لتجنب إعطاء القضية بُعدًا أكبر مما تستحقه.

التأكيد على ثقة رئيس الوزراء بالقضاء واستقلاله بدلًا من محاولة توصيف القضية بشكل مبالغ فيه كان يمكن أن يُجنب الالتباس.

الخلاصة

وصف التسريبات بـ”كذبة القرن” قد يكون غير موفق لأنه قد يُثير انطباعات بأن الحكومة تُحاول السيطرة على الرواية العامة قبل أن يُصدر القضاء حكمه النهائي. وفي الوقت نفسه، إذا أثبت القضاء استقلاله وأصدر حكمه بناءً على معايير قانونية واضحة، فإن ذلك يُظهر أن النظام القضائي قادر على الفصل بين السياسة والعدالة، مما يعزز مصداقيته أمام الشعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار