عفو عام أم إنصاف الأبرياء؟
بقلم الحمزة علي السرهيد |..
إقرار قانون العفو العام في العراق ليس مجرد مبادرة قانونية، بل هو واجب أخلاقي وضرورة لتحقيق العدالة الاجتماعية. يجب أن لا يقتصر هذا القانون على كونه “عفوًا عامًا” بل أن يُعرف باسم قانون إنصاف الأبرياء، لأن هدفه الأساسي هو تصحيح الظلم وإعادة الحقوق لمن تم إدانته ظلماً. هذا القانون يُعتبر خطوة حيوية نحو إعادة بناء المجتمع العراقي بعيدًا عن الحقد والإحساس بالمظلومية، وهو ما تم الاتفاق عليه ضمن البرنامج السياسي للحكومة العراقية الحالية.
أهمية قانون إنصاف الأبرياء
في ظل الأوضاع الأمنية التي عاشها العراق، تعرض الكثير من الأبرياء للتهميش وسُجنوا بناءً على وشايات أو اتهامات لم يتم التحقق منها بشكل صحيح. هؤلاء الأشخاص، وعائلاتهم، يعيشون معاناة مضاعفة: ليس فقط بسبب السجن، بل أيضًا بسبب الوصمة الاجتماعية. لذلك، يأتي هذا القانون كفرصة لإعادة الحق لأصحابه، ولإزالة هذه الوصمة الاجتماعية عن الكثير من الأسر.
السجون العراقية تضم اليوم حوالي 69 ألف مسجون، وهي نسبة كبيرة جدًا مقارنة بعدد السكان وفق المعايير الدولية. الغالبية العظمى من هؤلاء السجناء تم الحكم عليهم في قضايا تتعلق بالإرهاب، والكثير منهم حكم بناءً على وشايات المخبر السري أو اعترافات انتُزعت تحت التعذيب. التقارير الدولية، مثل تلك الصادرة عن منظمة هيومن رايتس ووتش، تحدثت عن انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والاعتراف بالإكراه، مما يجعل من الضروري إقرار هذا القانون بأسرع وقت ممكن.
حزب تقدم ودوره الريادي
من بين جميع الأطراف السياسية العراقية، كان حزب تقدم هو الأكثر التزامًا بالدعوة إلى إقرار هذا القانون. ما يميز هذا الحزب هو وجود أربعة ممثلين في اللجنة القانونية لمجلس النواب المعنية بمناقشة وإقرار القانون، وهم: عبد الكريم عبطان، سارة الدليمي، يوسف السبعاوي، وطلال الزوبعي. هذا الدور الريادي يعكس التزام تحالف تقدم بتحقيق العدالة في المحافظات المحررة، حيث تعرض الكثير من الأبرياء للسجن ظلماً خلال العمليات الأمنية.
العدالة والإنصاف في النظام القضائي
النائب علاء الركابي كان قد أشار في تصريحات سابقة إلى أن العديد من القضاة أكدوا له وجود حالات لمتهمين حُكم عليهم بالإعدام ظلماً، وهم في الحقيقة أبرياء. هذا يضع على عاتق الحكومة والبرلمان مسؤولية كبيرة في معالجة هذه الانتهاكات من خلال إقرار قانون إنصاف الأبرياء.
التقارير الدولية وانتهاكات حقوق الإنسان
التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، أشارت بشكل واضح إلى الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها المعتقلون في العراق. هذه الانتهاكات شملت التعذيب والضغط النفسي، وهو ما أدى إلى اعترافات كاذبة استخدمت كأدلة في المحاكمات. لهذا السبب، يجب أن يتضمن قانون العفو العام تحقيقات دقيقة في كل حالة لتحديد ما إذا كان المتهم قد تعرض للظلم.
خاتمة: بناء مجتمع جديد
إن إقرار قانون إنصاف الأبرياء هو خطوة أساسية نحو بناء عراق جديد يتسم بالعدالة الاجتماعية والسلام الداخلي. هذا القانون لا يعيد فقط الحق لمن تم اتهامه زورًا، بل يساهم أيضًا في بناء مجتمع خالٍ من الحقد والمظلومية. تحالف تقدم هو الصوت الأبرز في الساحة السياسية الذي يدافع عن إقرار هذا القانون، وهو ما يجب أن يحظى بدعم جميع الأطراف السياسية والحقوقية.