الأخيرة “طامة كبرى”.. 4 مؤشرات “غير مريحة” وراء إستقالة قاضي الإتحادية عن الإقليم

خاص|..

علّق الأكاديمي، خالد العرداوي، اليوم الثلاثاء، حول إعلان القاضي عبدالرحمن سليمان زيباري، عضو المحكمة الاتحادية العليا عن إقليم كردستان، استقالته من عضوية المحكمة، لأسباب ضمنها في كتاب الاستقالة.

وقال العرداوي لـ”جريدة“، إن “تأمل وتحليل أسباب الاستقالة ينطوي على مؤشرات غير مريحة كثيرة منها:

أولاً- قوله في الفقرة الأولى من كتاب تسبيب الاستقالة أن المحكمة تبتعد في قراراتها عن أسس النظام الفيدرالي الاتحادي بتوسيعها للصلاحيات الاتحادية على حساب صلاحيات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم الواردة في نصوص الدستور العراقي لسنة 2005، يمثل اتهاماً صريحاً للمحكمة بالانحراف عن مسؤوليتها الدستورية، وهو بحد ذاته اتهام يحتاج إلى اثبات او نفي من قبل المحكمة، كونه يسلبها ثقة الشعب بها كضمانة قضائية للنظام الدستوري العراقي.

ثانياً- أن اشارة القاضي في الفقرة الثانية من كتاب الاستقالة إلى أن “منطق الأشياء يقتضي أن يكون حرص المحكمة الدستورية في أي بلد على حماية سلطات الأقاليم أو الولايات اكبر من حرصها على حماية السلطات الاتحادية…”، لا ينسجم تماماً مع الدور الرئيس لهذه المحاكم في حماية نصوص الدستور من الخرق أو سوء التفسير سواء كان منبع ذلك السلطة الاتحادية أو سلطات الأقاليم والولايات، فغاية المحاكم الدستورية لا أن تكون مجرد أداة لضمان مصالح الولايات والأقاليم، بل مسؤوليتها ضمان التطبيق الأمثل لنصوص الدستور، وحماية مصالح السلطات الاتحادية والمحلية على قدم المساواة بدون ميل أو انحياز لهذا الطرف أو ذاك.

ثالثاً- أشار القاضي في الفقرة الثالثة من كتاب استقالته إلى ما اسماه بحرص “الآباء المؤسسون على اخضاع تعديله (دستور سنة 2005) لإجراءات معقدة حماية للمبادئ الدستورية”، وباعتقادي أن الدستور العراقي النافذ حالياً يفتقر إلى وجود آباء مؤسسين له، والدليل على ذلك أن الأنامل التي صاغت بنوده نفسها عملت على تسويف تطبيقها سواء ما تعلق منها باستكمال تشكيل المؤسسات الدستورية كالمحكمة الاتحادية، ومجلس الاتحاد، وتشكيل الأقاليم الاتحادية… أو ما تعلق منها بتشريع أكثر من 40 قانوناً أشار النص الدستوري إلى ضرورة تشريعها لاستكمال المنظومة القانونية العراقية، ناهيك عن تشكيك البعض منهم بجدوى النظام البرلماني والدعوة الصريحة إلى إلغاء الدستور والتحول إلى النظام الرئاسي في الحكم.

رابعاً- اما حديث القاضي في الفقرة الرابعة والأخيرة من الكتاب عن فشل آلية التصويت في المحكمة الاتحادية الحالية في خدمة مصالح الإقليم، فيضع علامة استفهام كبيرة للغاية، فهو قد قبل الانضمام لعضوية المحكمة قبل ثلاث سنوات، ويفترض به أنه بحكم خبرته يعلم تماماً حسنات وسيئات هذا الآلية في التصويت، وكان عليه في حينها رفض الانضمام مع وجود هذه الآلية إذا شعر أنها غير مهنية أو أنها غير مفيدة ومضرة، ولكن أن يعلن بعد ثلاث سنوات عن فشل هذه الآلية، وبعد أن توصل إلى أن بعض قرارات المحكمة قد لا تنفع الأجندة السياسية لإقليم كوردستان، فهذه طامة كبرى، تشوّه وضع المحكمة الاتحادية وتحرف دورها من محكمة دستورية تحمي الدستور، وتفسر بنوده، وتحكم في المنازعات الدستورية بين مستويات الحكم المختلفة إلى محكمة محاصصة سياسية تحمي مصالح المكونات المشاركة في السلطة بصرف النظر عن توافقها أو عدم توافقها مع النصوص الدستورية، وهذا بحد ذاته توجه لا يهدد وجود المحكمة الاتحادية، وإنما يهدد وجود ومستقبل النظام الاتحادي البرلماني ومؤسساته الدستورية في العراق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار