سافايا والرسائل الحازمة

بقلم/ مصطفى الخفاجي 

أعلن مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العراق السيد مارك سافايا بوضوح بأن العراق سيتعرض لمأزق سياسي واقتصادي كبير وقد يواجه التفكك إذا إستمر سلاح الفصائل المسلحة خارج إطار الدولة العراقية ٠

لذلك أنا أعتقد بأن على المسؤولين العراقيين تلقف هذا التحذير إن لم نقل تهديدا صريحا من قبل الجانب الأمريكي بالسرعة القصوى وعدم تفويت هذه التصريحات وإهمالها أو التعاطي معها بسطحية لأن البديل ربما سيكون المشهد الفنزويلي التعيس الذي يعيشه الشعب الفنزويلي في ظل عقوبات أمريكية قاسية على نظام الرئيس نيكولاس مادورو في كراكاس ٠

هناك رغبة حقيقية أمريكية وتشاطرها في ذلك إسرائيل في التخلص فعليا من النفوذ الإيراني في المنطقة وتقليم مخالب النمر الإيراني الذي تلقى ضربات كبيرة خلال الآونة الأخيرة ابتداء من إنهيار نظام الأسد وصولا إلى ضرب المواقع النووية الإيرانية ٠

العراق ليس بمقدوره تحمل حصارا خانقا كما هي إيران مثلا حيث لديها من المقدرة الذاتية على مستوى القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية وهي تعمل بكفاءة ما يؤهلها للصمود أمام اية عقوبات أمريكية أو غربية تفرض عليها إضافة إلى ذلك فإن الذاكرة العراقية لاتزال مثخنة بمرارة وألم العقوبات الأمريكية المهلكة التي فرضت عليها أبان غزو صدام حسين لدولة الكويت وما خلفتها من مأساة دمرت الشعب العراقي بشكل فظيع ٠

هناك أمر يجب أن تعيه الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب وهو بأن من الصعب جدا فصل الترابط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني والعقائدي والثقافي بين العراق وإيران كون حقيقة الجيرة والمشترك المذهبي هي حلقات إتصال قوية بين البلدين ولكن هذا لا يعني القبول بالهيمنة على القرار السيادي العراقي أو القبول بتدخلات خارجية في الشأن الداخلي العراقي ليس فقط من قبل طهران بل هذا الأمر ينطبق على أنقرة والرياض على حد سواء ٠

الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأقوى في العالم وهي من تفرض توجيهاتها على الآخرين وهذه حقيقة ثابتة لايمكن تغافلها ولذلك حاول سافايا تذكير القادة العراقيين بهذه الميزة عبر تصريحاته الموجهة إليهم كون أن النظام السياسي الجديد في العراق تم تكوينه بواسطتهم ٠

عصب الاقتصاد العراقي هو النفط ووارداته بعد بيعها يتم إيداعها لدى ” البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نيويورك ” ثم بعد ذلك تقوم واشنطن بتسليمها لبغداد بمعنى هي المتحكم الفعلي والوحيد بقوت وأرزاق ومستقبل الشعب العراقي بالكامل ولذلك من المصلحة العليا لنا أن لا نغفل عن هذه النقطة ٠

العراق ليس دولة نووية لذلك فهو لا يمتلك قوة الردع النووي كالصين او باكستان وليس دولة صاحبة اقتصاد كبير فبكل سهولة يمكن لأية دولة خليجية أخرى تعويض نقص النفط العراقي لو حصل بإشارة واحدة من البيت الأبيض وليس قوة عسكرية متطورة كمصر وتركيا بل هو بلد بالكاد يسعى الى النهوض شيئا فشيئا نتيجة تراكمات كثيرة ألمت به من حروب ومعارك وصراعات إقليمية خارجية وداخلية سياسية على أرضه فكل هذه إلإرهاصات كفيلة بجعل صانع القرار السيادي العراقي يفكر أكثر من مرة بشأن عدم إتخاذ قرارات من شأنها أن تعيد العراق والعراقيين إلى العصور الظلامية وبكبسة زر واحدة فقط ليس إلا٠

يجب تغليب منطق اليراغماتية والواقعية والابتعاد عن المكابرة والتعالي فمن الغباء بمكان معرفة إمكانياتك المحدودة أمام القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية الفتاكة والأولى في العالم وفي المقابل تبقى مصرا أنت على عنادك الذي لن يجلب لك سوى المعاناة والمعاناة والمعاناة لمن يعرف حقا من هي أمريكا وبماذا تفكر وماذا تريد منا ؟؟؟ ودرس قطاع غزة بالمجان قدم لمن لا يفكر بعقله جيدا مرة ومرتين وربما أكثر من ذلك بكثير ٠

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار