رئيس الوزراء.. المدير العام

بقلم/ أحمد العبادي
معلوم لدى اغلب المقربين انني لا تحكمني الاهواء ولا المزاج في تصحيح مكامن الخلل .. ولا يحكمني القرب من هذا الرأي او ذاك الا بمقدار قربه من الحقيقة من عدمها .. وهذا ينطبق في كثير من المواقف السياسية وحتى الشخصية ..
كنت مقتنعا ولا زلت مقتنعا من بداية الانتخابات الى نهايتها والى مفاوضات تشكيل الحكومة ، انها سوف لن تنتج لنا البديل الذي نطمح اليه ويطمح اليه اغلب العراقيين ..لكن مع ذلك دفعنا المجتمع الى صناديق الاقتراع لقلة الحيلة والخيارات وارتفاع كلفة البديل ..
فمن بدايات التنافس او بالاحرى “الصراع ” الانتخابي الذي خلا من اي برنامج سياسي سوى برامج بذخ المال ، ووعيد الاقصاء ، والجلوس على ” حافة الفراش والديوان ” ووعود تعيينات الحشد الوهمي ..من هذه البدايات
والى مخرجاتها تختلف عن مدخلاتها الفاسدة ، الى طريقة ومعايير اختيار رئيس الوزراء ..
كلها معالم تشي بعدم قدرة وعجز الفاعل السياسي الى بناء دولة المواطنة الحقيقية التي ربما ستبقى حلمنا العالق ببن تقاطعات محلية ودولية واقليمية .
واثق جدا ان المواطن الكادح لا يعلم بما يجري على طاولة مفاوضات اختيار القائد المنقذ المتمثل بشخص رئيس الوزراء ، لكنه عليم جداا بمسارات الفشل اللاحقة المرتبطة طرديا بالمدخلات الفاشلة التي لا ترتقي الى عقلية الدولة ..
نعلم تماما ان من اكبر الاشكالات التي كان تعاني منها الدولة هي شخصية رئيس الوزراء المستقل الذي يعمل بعيدا عن الحزبية الضيقة ، لكن هذه الاشكالية لا تعني اختيار رئيس وزراء بلا غطاء يحمية ويدافع عن مشروعه ورؤيته .
ويكون عرضة للابتزاز السياسي ومرهون بقرارات الجهة الحزيية لا بالقرارات التي تميليها عليه المصلحة الوطنية والقانون .
ان الحزبية الغير خاضعة للقانون عانينا منها الكثير لكنها تبقى تمثل النواة في اي نظام سياسي حضاري ، ويبقى الاستئثار الحزبي وطبيعة الشخصية على رأس هذا المنصب هي العلة التي شوهت هذا المفهوم ..
لا اعتقد ان الاطار التنسيقي بشرطه عدم الانتماء لكتلة او حزب سياسي حريصا على الاستقلاليه كمبدأ ، كونه امرا ارتفعت الاصوات به قديما منذ ايام حكومة المالكي لكن دون جدوى ..
لكن القصد الحقيقي هو ان يقطع الطريق على اي قوى سياسية مستقبلية تحاول ان تأخذ مساحة من المشهد السياسي المؤثر في المعادلة الشيعية وهذا خلاف مبدأ الديمقراطية الذي استقتل لاجله الفاعل السياسي الشيعي والكردي .. ما يعني الضربة القاصمة للديمقراطية ..
تدور فكرة الاطار التي يحاول تسويقها في شرط الاستقلالية لمنع استغلال موارد الدولة في الدعاية الانتخابية لا اكثر فلا توجد حجة اخرى غير ذلك ..
قد تكون الفكرة معقولة في ظاهرها ..لكن مما لا يعقل ان تحل “طاولة الاطار “بديلا عن “مطرقة مجلس النواب ” كمؤسسة رقابية هي المعني الاول بمتابعة الاداء والخروقات والمخالفات للقانون من رئيس الوزراء والى ادنى مفصل في الدولة العراقية.
اننا اليوم امام حالة تشويه جديدة في جسد النظام السياسي الذي يعاني اصلا من تشوهات هيكلية مزمنة قد لا يمكن تصحيها الا عبر ارادة سياسية حقيقية تجعل العراق اولا والمصالح العليا للبلاد هي البوصلة في اي مسار سياسي ..



