ديالى تغلي.. إساءة نورس العيسى تشعل فتيل الغضب وكتلة زياد الجنابي تلتزم الصمت!
قبيلة العبيد تتحرك نحو البرلمان

متابعات|
تشهد محافظة ديالى حالة من التوتر المتصاعد بعد انتشار مقطع مصوّر يظهر النائبة نورس العيسى وهي توجه عبارات وُصفت بـ”المهينة” إلى مدير ناحية السد العظيم، الشيخ نبيل العبيدي، وهو أحد أبرز وجهاء قبيلة العبيد في المنطقة.
الكلمات القاسية التي وردت على لسان النائبة، لا سيما قولها “أضع الحذاء فوق رأسك”، فجّرت موجة من الغضب العشائري والشعبي، سرعان ما خرجت عن حدود المجاملات السياسية والدعوات التقليدية للتهدئة.
واجتمعت شخصيات عشائرية بارزة من قبيلة العبيد في مضيف الشيخ العام، بحثاً عن مخرج للأزمة ومنع انزلاق الأمور نحو التصعيد، إلا أن الأصوات الغاضبة، وخصوصاً في صفوف الشباب، ارتفعت بشكل غير مسبوق، وسط اتهامات بـ”الإهانة العلنية” و”الاعتداء على الكرامة”.
وقال عمر العبيدي، أحد وجهاء القبيلة، إنهم قدّموا طلباً رسمياً إلى رئاسة مجلس النواب العراقي لاستجواب النائبة نورس العيسى، مشددًا على أن “التجاوز بهذه الطريقة على أحد شيوخ العبيد هو تجاوز على قبيلة بأكملها، وامتحان لكرامتها وصبرها”.
وتابع في تعليق له: “ما زلنا نضبط النفس حرصاً على الأمن العام، لكننا لا نقبل بأي تهاون من الدولة في اتخاذ الإجراءات المناسبة”.
حادثة تتخطى الشخصنة
وأظهر المقطع المصوّر الذي جرى تداوله على نطاق واسع، النائبة نورس العيسى، المنضوية في كتلة “المبادرة” التابعة للنائب زياد الجنابي، وهي تتحدث إلى مدير ناحية السد العظيم بلهجة تهديد علنية، استخدمت فيها مفردات وُصفت بأنها “تتنافى مع أبسط الأعراف الإدارية والأخلاق البرلمانية”.
وبعيدًا عن كونها مشادة عابرة، يرى مراقبون أن الحادثة تجاوزت كونها “شخصية”، لتصبح حدثًا عامًا يعكس حجم الاحتقان المتراكم بين النواب وسلطات الدولة المحلية، فضلًا عن تأثير الخطاب النيابي الذي أصبح أكثر حدّة وعنفًا في ظل أجواء انتخابية ضاغطة.
وأحد محاور الغضب الشعبي في ديالى يتمثل بما يصفه الأهالي بـ”غياب القدرة على الرد المكافئ” على النائبة، كونها امرأة، وما يفرضه ذلك من اعتبارات اجتماعية وعشائرية معقدة، فبينما يرى البعض أن الرد يجب أن يكون سياسيًا وقانونيًا، يشعر آخرون بأن الإساءة العلنية تستوجب وقفة تُعيد الاعتبار للقبيلة.
وتنضوي النائبة نورس العيسى ضمن كتلة “المبادرة”، وهي تحالف سياسي حديث نسبياً يقوده النائب زياد الجنابي، الذي انشق عن تحالف “تقدم”، وواجه اتهامات بشق صفوف الحزب، ما يضع العيسى في خانة التكتلات النيابية التي لم تُختبر شعبيًا بعد، لكنها تسعى للفت الأنظار بأي وسيلة، بحسب رأي بعض الخصوم.
خطاب برلماني؟!
وأثارت الواقعة جدلًا واسعًا حول طبيعة الخطاب النيابي السائد في العراق، إذ تحوّل الكلام من أدوات الرقابة والتشريع إلى لغة تهديد وشتائم، تُوجّه أحيانًا لمسؤولين رسميين، وأحيانًا لأبناء مناطق كاملة.
ويخشى ناشطون في ديالى من أن تؤسس هذه الحادثة لسلوك نيابي قائم على الاستقواء والمزايدة في المناطق المتوترة أصلًا.
وقال أحد الإعلاميين المحليين عبر منصة (أكس): “نعيش زمنًا تُرفع فيه الأحذية لا الحجج، وتُهدد به الكرامات لا تُناقش الملفات، وهذه سابقة تُضعف هيبة البرلمان قبل أن تهين أي مسؤول محلي”.
ويأتي هذا التصعيد في سياق سياسي محموم، فالموسم الانتخابي بدأ فعليًا رغم أن الحملات الرسمية لم تُطلق بعد، ويعتقد محللون أن النائبة العيسى تسعى لتعزيز موقعها بين جمهورها، عبر استعراض القوة وفرض النفوذ، حتى لو جاء ذلك على حساب العلاقات الرسمية والعشائرية.
لكن في ديالى، تبدو اللعبة خطرة – وفق مختصين – فمحافظة ذات حساسية أمنية ومجتمعية عالية لا تتحمّل المزيد من الاستفزازات.
ولم تُصدر رئاسة مجلس النواب أي تعليق رسمي على الحادثة، كما لم تتحرك لجنتا السلوك النيابي أو شؤون العشائر في البرلمان لاحتواء الأزمة، ما يعد تجاهلًا خطيرًا قد يؤجج الموقف أكثر.