أنابيب تصدير النفط العراقي .. إلى أين؟!

المهندس الاستشاري يعقوب الخضر – باحث في الشأن الاقتصادي

  أقدمت تركيا وفي خطوة مفاجئة قبل يوم أمس على عدم تجديد اتفاقية مرور النفط العراقي عبر خط أنبوب العراقي – التركي الى ميناء جيهان التركي, تلك الاتفاقية التي وقعت سنة 1973 وتم تعديلها في عامي 1976 و 1985 وتم تمديدها في سنة 2010 والتي قامت تركيا بانتهاكها في سنة 2024 عندما سمحت لحكومة إقليم كردستان العراق بتصدير نفط الإقليم عبره من دون موافقة الحكومة العراقية كما ينص أحد بنود الاتفاقية. هذا القرار التركي الغير متوقع كان رسالة سياسية وقانونية ومالية مفادها ان تركيا ترى أن هناك حاجة الى اتفاقية جديدة تأخذ بنظر بالاعتبار التوازنات الحالية وخصوصا بعد النزاع مع العراق حول التصدير من إقليم كردستان, ولإعادة التفاوض على الشروط والتي على الاكثر من ضمنها:

 

– على العراق أن ينسى التعويض البالغ 1.5 دولار الذي حكمت به محكمة التحكيم الدولية ICA التابعة لغرفة التجارة الدولية ICC للفترة 2014-2018

– على العراق ان يوقف متابعة قضية التحكيم الجارية مع ICA-ICC للحصول على تعويضات للفترة 2014-2023

– على العراق الاستمرار في تزويد تركيا بالنفط بسعر مخفض للغاية، كما اعتادت حكومة إقليم كردستان أن تفعل ذلك

– على العراق ان يدفع رسومًا أعلى بكثير مما كانت عليه من قبل, كرسوم عبور النفط خلال تركيا عن كل برميل.

 

تجارب العراق السابقة, اثبتت عدم نجاح جميع مشاريع انابيب النفط العراقية المارة بدول الجوار الى موانئ التصدير, حيث ان جميع تلك الأنابيب اما انها اغلقت او صودرت حتى نتيجة ولو خلاف سياسي!!

–  خط أنبوب كركوك – حيفا (عبر الأردن وفلسطين) – البحر المتوسط، أغلق من قبل “إسرائيل” سنة 1948

–  خط أنبوب كركوك – بانياس + طرابلس (عبر سوريا ولبنان) – البحر المتوسط، اغلق من قبل سوريا سنة 1982

– خط انبوب البصرة – ينبع IPSA (عبر السعودية) – البحر الأحمر، اغلق وتمت مصادرته من قبل السعودية سنة 1991

– خط انبوب كركوك – جيهان ITP (عبر تركيا) – البحر المتوسط، أغلق سنة 2023 وتم إلغاء الاتفاقية الخاصة به من قبل تركيا يوم قبل أمس.

 

اما خط انبوب البصرة – العقبة IJEP (عبر الأردن) – خليج العقبة / البحر الأحمر، الذي يفكر العراق بإنشائه، فسوف لن يكون أوفر حظا من بقية الخطوط المارة بدول الجوار، وخصوصاً وأن ميناء العقبة الأردني يبعد مسافة مرمى حجر عن ميناء إيلات (ام الرشراش) الاسرائيلي، هذا غير كونه غير مجدي اقتصادياً ولوجستياً.

 

واما الحديث عن مضيق هرمز, فهناك من يقول باحتمالية اغلاقه نتيجة أي اعمال حربية وهناك من يستبعد هذه الاحتمالية,  والتأريخ أثبت ذلك. حيث من غير المعقول ان إيران، التي من المتوقع هي من يقوم بأغلاق مضيق هرمز، سوف تقوم بأطلاق النار على قدميها لأنها هي نفسها تقوم بتصدير حوالي 80% من صادراتها من خلاله، ولا على إقدام حلفائها وفي مقدمتهم الصين أو جيرانها وأصدقائها مثل قطر، والكويت، والسعودية، والإمارات.

 

إذا كان مضيق هرمز لم يغلق ابان حرب الثمان سنوات بين العراق وإيران ولم يغلق خلال الحرب الإسرائيلية الأمريكية الإيرانية قبل أكثر من شهر, فلماذا إذا نسمع هذا التهويل في العراق فقط عن احتمالية اغلاق مضيق هرمز في المستقبل، لا قدر الله. لماذا لا نسمع هذا القلق المبالغ فيه في كل من الكويت وقطر وحتى السعودية، هذه الدول التي تصدر كل/غالبية نفطها وغازها من خلال مضيق هرمز, ولو كان هناك اي احتمال كبير لأغلاق مضيق هرمز يوما ما, لقامت امريكا بنصيحة او حتى اجبار الكويت وقطر بمد انابيب نفط وغاز عبر السعودية الى البحر الأحمر! وهناك الكثير من خبراء الطاقة العرب والعراقيين ذكروا مرارا وتكرارا من خلال مقابلات تليفزيونية ومقالات وأحاديث على منصة X تويتر سابقا, ان الحديث عن اغلاق مضيق هرمز هو محض هراء.

لذا على العراق تطوير منظومة موانئ جنوب العراق (البصرة – الزبير – الفاو – موانئ التصدير في الخليج) SEIP والاعتماد عليها لأنها الوحيدة الخاضعة لسيادته وتحت سيطرته 100% هذا غير أن تكاليف التصدير من خلالها لا تقارن بتكاليف ضخ النفط  ورسوم المرور, عبر البلدان المجاورة, وأجور التحميل العالية من موانئها, والتي تغطي وتزيد عن أي فرق بأجور الشحن freight للنفط المصدر الى أوربا عبر قناة السويس. هذا بالإضافة الى فرص العمل الكبيرة التي يوفرها التصدير من منظومة موانئ جنوب العراق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار