حرب المياه: النفط مقابل الماء!

بقلم د. هيثم هادي نعمان

بعد أن أنهك العراق نفسه في حروب طويلة وغير مجدية، سواء مع جيرانه أو مع المجتمع الدولي، دخل مرحلة جديدة من الصراعات الداخلية والطائفية التي كانت أشد فتكاً وتمزيقاً للنسيج المجتمعي. وفي كلا المرحلتين، ظل العراق يعتمد على النفط كثروة استراتيجية تعزز موقعه الجيوسياسي، بينما تجاهل ثروته الحقيقية: الماء.

إن نهري دجلة والفرات لم يكونا مجرد مصدرين للمياه، بل يمثلان الهوية التاريخية والحضارية للعراق. غير أن الإهمال المتواصل لهذا المورد الحيوي سمح لتركيا بإعادة تشكيل معادلة العلاقات الثنائية، عبر سياسة ضغط استراتيجي تتقاطع فيها المصالح المائية بالنفطية.

وفي تطور بالغ الخطورة، أصدر الرئيس التركي قرارًا رسميًا بإنهاء جميع الاتفاقيات الخاصة بخط أنابيب النفط الخام بين تركيا والعراق، وذلك اعتبارًا من 27 تموز 2026. وشمل القرار، المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 تموز 2025 ويحمل الرقم 10113، ما يلي:
• اتفاقية 27 آب 1973 (المعتمدة عراقياً في 22 نيسان 1975)
• بروتوكول 10 تشرين الأول 1976
• المادة السادسة من مذكرة التفاهم 16 شباط 1981
• الاتفاقية التكميلية بتاريخ 11 نيسان 1986
• اتفاقية التعديل وكافة البروتوكولات والملاحق المعتمدة في 15 نيسان 2011

هذا القرار لا يُقرأ في معزل عن التحولات الجارية في ملف المياه. فتركيا، التي تتحكم بمنابع دجلة والفرات، تُمهِّد على ما يبدو لفرض اتفاق جديد يقوم على قاعدة مقايضة واضحة:

“كل برميل نفط مقابل برميل ماء”.

إنها ليست مجرد مفاوضات اقتصادية، بل مقدمة لحرب مياه تُهدد مستقبل العراق وسيادته، وتكشف عن فشل مزمن في إدارة ملف الثروات الوطنية الحيوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار