حلول قانونية لاستئناف بناء الأراضي السكنية في مناطق مكونات نينوى

بقلم/ د. بشار العبيدي
إن سبيل تحقيق التعايش السلمي والامن الإنساني بين مكونات المجتمع ليس شعارات أو عناوين إعلامية تنشدها الطبقة السياسية في مناسبات واحتفالات رسمية.
إن مهمة الحفاظ على حقوق الأقليات الدينية والقومية في نينوى تعد مسؤولية مشتركة بين المواطن والدولة .. ولايمكن أن يتحملها المواطن منفردا من خلال مواجهة ممارسات غير قانونية تمنعه من ممارسة حقوقه المشروعة في السكن والعمران والبناء بحجة الحفاظ على تنوع أطياف الشعب العراقي وحماية من التغيير الديمغرافي !!!!

وفي سياق المبررات التي تطرح من قبل الجهات المعنية لمنع أصحاب الأراضي السكنية من البناء في بعض مناطق محافظة نينوى والعديد من القرى والبلدات، أبرزها بعشيقة وبرطلة، يسكنها مزيج من المسيحيين، وطائفة الشبك، بالإضافة إلى الإيزيديين والعرب، نعرض بصددها التساؤلات الآتية :
١- ماهي طبيعة المخاوف التي تهدد السكان المحليين في تلك المناطق تجاه حصول عمليات البناء والتشييد في الأراضي العائدة إلى المواطنين في نينوى ينحدرون من قوميات وأديان مختلفة ؟؟
٢- هل هناك تاريخ سابق من الصراع الإثني يرسم صورة سلبية في ذاكرة سكان تلك المناطق ممكن أن يولد ردة فعل غير منضبطة بين مكوناته الأساسية ؟
٣- هل يعتقد سكان تلك المناطق أن قرارات توزيع العديد من الاراضي السكنية لشرائح مجتمعية يعد من وسائل إحداث تغيير ديمغرافي في مناطقهم يهدد وجودهم ؟؟؟
٤- هل امتلاك المواطنين في نينوى لتلك الاراضي محل البحث كان بموجب تصرفات فردية أم كان نتيجة توزيع من مؤسسات الدولة أو أثر نشاطات من قبل جمعيات الإسكان الأهلية عبر اتباع سياسة الترغيب والإغــــراء لشراء أراضي ودور المكونات الاصلية بأسعار باهظة من العوائل المحتاجة ؟
وإزاء هذه التساؤلات المنطقية للوصول إلى حلول واقعية، نتساءل أين دور الحكومة الاتحادية أو المحلية بالمقابل ؟؟؟ لماذا لا تمارس أو تتخذ موقفا قانونياً واضحا يعالج مخاوف السكان الأصليين في تلك المناطق ويحمي ايضا حقوق المواطنين في البناء والتشييد في أراضيهم السكنية لإعادة الأوضاع إلى نصابها وسابق عهدها، وإلا فإنها ستخلق مشاكل إضافية للشعب وبكل مكوناته …
إذا كان الدستور العراقي وفق المادة (٢٣/ثالثا/ب) قد منع التملك لأغراض التغيير الديمغرافي بغية حماية الاقليات القومية والدينية والمذهبية لاسيما المسيحيين وغيرهم في سهل نينوى للحفاظ على هوية مناطقهم وأرضهم ومن ثم حماية وجودهم التاريخي في هذا البلد، فأن البيئة الموصلية و تنوعها الثقافي واعتزازها بهويتها المدنية وعمقها الوطني الذي يعلو على بقية الهويات والانتماءات الفرعية ذات البعد الديني والقومي والسياسي والاجتماعي يعد افضل حصانة لأبناء المجتمع في تلك المناطق يحافظ على انتمائهم الديني والقومي والسياسي ويضمن اندماجهم في المجتمع الموصلي الذي كان ومازال ارض خصبة تستوعب كل المكونات القومية والدينية.
وأن ما يجري حالياً في هذه المناطق من قيود تمنع المواطنين من البناء في أراضيهم من قبل جهات أمنية محددة وفق مخاوف الحفاظ على خصوصية السكان الأصليين إذا كان الهدف من هذا التملك فعلا هو وسيلة لتغيير هوية المنطقة وتركيبتها السكانية بغية حماية الاقليات القومية والدينية والمذهبية، والتي يتجاوز عدد هذه الفئات المجتمعية تسعة آلاف قطعة أرض وزعتها البلدية على مكونات مختلفة ضمن التصميم الأساس لمدينة الموصل.
فأننا نقترح وضع حلول ومعالجات قانونية تراعي مفهوم التغيير الديمغرافي وفق القرار الصادر من المحكمة الاتحادية العليا في العراق المرقم (٦٥/ اتحادية/ 2013) بخصوص تفسير المادة (٢٣/ ثالثا/ ب) من دستور ٢٠٠٥ الذي يدور في محورين :
الأول – حظر تمليك أو تملك الأشخاص أفراداً أو جماعات للعقارات بكل أجناسها وأنواعها سواء أكان ذلك على مستوى القرية أم الناحية أم القضاء أم المحافظة، وبأية وسيلة من وسائل التمليك إذا كان وراء ذلك هدف أو غاية تتعلق بالتغيير السكاني وخصوصياته القومية أوالأثنية أو الدينية أو المذهبية.
الثاني – إن عبء إثبات حصول تمليك في هذه المناطق ومنها سهل نينوى لأغراض التغيير الديمغرافي سواء كان عن طريق توزيع الدولة للاراضي والوحدات السكنية أو من خلال عمليات البيع والشراء بين المواطنين لاستملاك اراض ووحدات سكنية لصالح المواطنين من خارج الوحدة الادارية في سهل نينوى هو من اختصاص مؤسسات الدولة الرسمية.
وبذلك لا يمكن أن تستند عمليات ايقاف البناء في سهل إلى بيانات ومعلومات صادرة عن جهات حزبية وسياسية لأنها ستكون لها آثار قانونية يترتب عليها حرمان حقوق الملكية والسكن التي تعد من الحقوق الأساسية في الدستور العراقي.
ولما تقدم ومن أجل تحقيق التوازن بين أهمية رفع الغبن عن العديد من المواطنين الذين يملكون سندات رسمية للأراضي الواقعة في تلك المناطق وبين حماية حقوق المكونات القومية والدينية في تلك المناطق نقترح مايلي:
١- أن تشكل لجنة فنية من قبل الحكومة الاتحادية برئاسة قاضي من مجلس القضاء الأعلى وعضوية ممثلين عن كل من (محافظة نينوى/دائرة التسجيل العقاري/ وزارة الإعمار والإسكان/ بلدية الموصل/ بلدية سهل نينوى/ مديرية زراعة نينوى) .
٢- تتولى اللجنة وضع ضوابط للبناء يصادق عليها مجلس المحافظة.. والنظر في طلبات المواطنين الراغبين في بناء أراضيهم السكنية والزراعية في هذه المناطق وتدقيقها من حيث مصدر التمليك ومشروعيته القانونية في ضوء المخاوف المذكورة في النقاط السابقة لتكون النتائج وفق الدستور والقانون وأن تصدر القرارات بالأغلبية المطلقة لأعضاء اللجنة، وتكون الموافقات اللازمة للبناء على شكل دفعات في فترات زمنية محددة.