لماذا تخلی حزب العمال الكردستاني عن الكفاح المسلح وقرر حل تنظیماته رسمیا؟

بقلم/ الدكتور جبار قادر

التحليل الدقيق لأسباب تخلي حزب العمال الكردستاني عن الكفاح المسلح، وحل تنظيماته، وتوجه الحكومة التركية للانفتاح على الكرد، يتطلب دراسة شاملة للعوامل السياسية، الاقتصادية، العسكرية والاجتماعية. نشیر هنا بعجالة الی العناوین العریضة فقط.
تعرض الحزب لضغوط كبيرة من حلفاء تقليديين وحتى من قوى محلية وادراجه علي لائحة المنظمات الارهابیة من قبل العدید من الدول الغربیة الامر الذي شكل ضغطا نفسیا كبیرا ودائميا علی الحزب وقیاداته. كما ان التغيرات في البيئة الجيوسياسية خاصة بعد التطورات في سوريا والعراق ودور القوات الكردية هناك، مما أدى إلى إعادة تقييم الأولويات الكردية. ویجب ان لا ننسی حقیقة فقدان الحاضنة الشعبية لان استمرار الحرب تسبب في إنهاك المجتمعات الكردية، مما دفعها نحو البحث عن حلول سلمية. وساعد صعود التيارات السياسية الكردية المدنية (مثل حزب الشعوب الديمقراطي HDP ومن ثم حزب الدیمقراطیة والمساواة DEM) والتي وفرت بديلاً سياسياً عن الكفاح المسلح.

اما دوافع الحكومة التركية للانفتاح على الكرد فقد تمثل في الرغبة في الاستقرار الداخلي وایقاف استنزف الدولة اقتصادياً وعسكرياً لعقود طویلة. كما ان الحسابات الانتخابية والأصوات الكردية التي أصبحت عاملاً حاسماً في الانتخابات ، ما دفع بعض الحكومات لمحاولة كسبها.

ولا بد من التذكیر بالضغوط الأوروبية والدولية وخاصة من قبل الاتحاد الأوروبي في سياق مفاوضات الانضمام، والذي طالب بتحسين أوضاع الأقليات. كما ان رغبة الحكومة والاحزاب التركیة في تحجيم حزب العمال الكردستاني سياسياً من خلال سحب الذرائع وفتح قنوات سياسية بديلة لا بد وانها لعبت دورها في تحدید موقف الدولة.

ولكن هل يمكن اعتبار هذه الخطوات تحولاً استراتيجياً دائماً؟ هذا يعتمد على مدى التزام الطرفين بالعملية السلمية، وعلى توازن القوى السياسية داخل تركيا، ومدى استمرار الضغوط الداخلية والخارجية.

وما أثر هذه التحولات على القضیة الكردية في تركیا والمنطقة؟ قد تفتح هذه التحولات الطريق نحو حل سياسي طويل الأمد، لكن أيضاً هناك مخاطر من العودة للتصعيد إن لم تُلبَی المطالب الجوهرية.

يمثل تخلي حزب العمال الكردستاني عن الكفاح المسلح، وتوجه تركيا للانفتاح على الكرد، نقطة تحول في مسار الصراع الكردي التركي. لكنه تحول هش، يتوقف على موازين القوى الداخلية، واستمرار وجود قنوات سياسية مشروعة للكرد، وإرادة حقيقية للتسوية من الطرفين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار