عدي العلوي يكتب.. لسنا متشائمين بل ناصحين

بقلم/ عدي العلوي – رئيس تحالف الاقتصاد العراقي 

الوضع الاقتصادي في العراق بالفعل يعاني من تحديات هيكلية تفاقمت بسبب سوء الإدارة والفساد وعدم الاستقرار السياسي، وقد تؤدي هذه العوامل إلى تفاقم الأزمات في الصيف القادم.

⁠١. الأسباب الجذرية للأزمة المتوقعة:
الاعتماد شبه الكلي على النفط:
يشكل النفط نحو 90% من إيرادات الموازنة، مما يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات الأسعار العالمية. أي انخفاض في أسعار النفط (كما حدث في 2020) يُفقد الحكومة القدرة على تمويل الواردات والرواتب.

الفساد المُمنهج:
تحتل العراق مراتب متأخرة في مؤشرات الشفافية الدولية.
تُهدر مليارات الدولارات في مشاريع وهمية أو مُبالغ في تكاليفها (مثل مشاريع الكهرباء المتعثرة منذ 20 عاماً).

الخلل في إدارة الموارد:
تضخم القطاع العام (حوالي 4 ملايين موظف) يستنزف 75% من الموازنة.
استيراد 80% من الاحتياجات الغذائية رغم إمكانية تحقيق الأمن الغذائي عبر دعم الزراعة.

الأزمة السياسية والانقسامات:
الصراعات بين الكتل السياسية تعطل إقرار القوانين المهمة (مثل قانون النفط والغاز)، وتُضعف الثقة بالحكومة، مما يثني المستثمرين.

٢. مظاهر “القحط الاقتصادي” المحتملة في صيف 2025:
انقطاعات الكهرباء الحادة:
مع ارتفاع درجات الحرارة، يزيد الاستهلاك بنسبة 40%، بينما لا تغطي الشبكة الوطنية أكثر من 50% من الاحتياج الحقيقي ، مما يزيد الاعتماد على الاستيراد المكلف من إيران ودول الجوار.

تدهور سعر الدينار:
قد تواجه الحكومة صعوبة في تمويل الواردات بسبب نقص العملة الصعبة، مما يزيد الضغط على البنك المركزي ويُعمق أزمة السيولة.

ارتفاع الأسعار وانعدام السلع الأساسية:
بسبب اعتماد السوق على الاستيراد، وأزمة الصرف قد تؤدي إلى نقص في الأدوية والمواد الغذائية، خاصة مع تعثر صرف “رواتب التمويل” للمستوردين.

احتجاجات اجتماعية:
البطالة بين الشباب تتجاوز 36%، وغياب الخدمات (كالماء والكهرباء) قد يُشعل احتجاجات كتلك التي اندلعت في البصرة عام 2018 و 2022.

٣. عوامل موسمية تُضاعف الأزمة:
زيادة الطلب على الوقود:
لتعويض انقطاع الكهرباء، يلجأ العراقيون إلى المولدات الخاصة التي تعمل على المازوت، مما يرفع تكاليف المعيشة.

تراجع الإنتاج الزراعي:
الجفاف وندرة المياه (خاصة من نهري دجلة والفرات) تهدد المحاصيل الصيفية، مما يزيد فاتورة الاستيراد.

٤. حلول عاجلة وطويلة الأمد:
إصلاح قطاع الكهرباء:
محاسبة الشركات الفاسدة في العقود، واستثمار الطاقات المتجددة (كالطاقة الشمسية في المناطق الصحراوية).

تنويع الاقتصاد:
دعم الصناعات الصغيرة (كصناعة الإسمنت والمنسوجات) والاستثمار في الزراعة عبر تحديث أنظمة الري.

مكافحة الفساد:
تفعيل القضاء المستقل لملاحقة كبار الفاسدين، وإلغاء التعيينات في الدولة.

اعادة هيكلة او إصلاح النظام المصرفي:
تسهيل تحويلات المستثمرين الأجانب وتشجيع القطاع الخاص لخلق فرص عمل خارج النفط.

٥. التحدي الأكبر: الإرادة السياسية!
الأزمة ليست اقتصادية فحسب، بل هي نتيجة تراكمات نظام حكم قائم على المحاصصة وغياب الرؤية الوطنية. بدون اتفاق النخبة السياسية على خطة إنقاذ طويلة الأمد (كإقرار قانون سلم الرواتب والتقاعد وإصلاح الدعم)، ستستمر الحلول الترقيعية (مثل الاقتراض من البنك المركزي) في تفاقم الأزمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار