انتهاك حقوق المتهم: ضرورة تعديل قانون المحاكمات الجزائية

بقلم/ محمد أزهر – باحث قانوني
في كل فترة يُفجع الشارع العراقي بخبر وفاة متهم أثناء التحقيق، نتيجة ممارسات تعذيبية تنتهك أبسط القيم الإنسانية والدستورية، وآخرهم الفقيد المهندس بشير خالد، الذي رحل تحت ظروف يُشتبه في أنها تحمل بصمات انتهاك لحقوق الإنسان واستغلال المنصب أو إساءة استعمال النفوذ في السلطة.
إننا، كرجال قانون ومواطنين حريصين على بناء دولة المؤسسات ونعلم جيدًا أن الإكراه المادي أو المعنوي في التحقيق ممنوع صراحةً بموجب أحكام الدستور العراقي (المادة ٣٧/أولًا/ج)، وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ٢٣ لسنة ١٩٧١ المعدل.
ورغم وضوح النصوص، إلا أن الواقع يُظهر ممارسة مقلقة من قبل بعض رجال الضبط القضائي تتجاوز حدود القانون، وتُعيد إنتاج أساليب غير قانونية تمثل تعديًا صريحًا على كرامة الإنسان.
والجدير بالذكر قد يجهل البعض أن القانون العراقي لا يُجيز تحليف المتهم أثناء التحقيق، وذلك لعدة اعتبارات قانونية وأخلاقية. فقيام المحقق بتوجيه عبارة مثل: “احلف بالله إنك ما سارق” يُعد مخالفًا صريحًا للقانون، ويضع المتهم في موقف نفسي ضاغط، بين خيارين كلاهما مؤلم:
إما أن يحلف كذبًا، مما يُعد نوعًا من التعذيب المعنوي المرتبط بالوازع الديني.
أو أن يمتنع عن الحلف احترامًا لعقيدته، فيُفسر ذلك كإدانة ضمنية…
إن هذه الأساليب، وإن لم تكن تعذيبًا جسديًا، تُعد إكراهًا معنويًا محظورًا، وقد تفضي إلى اعترافات باطلة تُقوّض العدالة من أساسها.
بالتالي لا يجوز القبول باستمرار هذه الانتهاكات أو التغاضي عن ممارسات تنال من نزاهة التحقيق، وتؤدي إلى إدانة الأبرياء أو وفاتهم تحت التعذيب.
وانطلاقًا من المسؤولية الأكاديمية والأخلاقية، وبصفتي طالبًا في كلية القانون الجامعة المستنصرية، أتقدم بمسودة مقترح أولي لتعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم ٣٢ لسنة ١٩٧١ الذي سأرفقه في ملحق هذا المقال بصيغة ملف PDF.
وأدعو الجهات المختصة، وفي مقدمتها اللجنة القانونية، ولجنتا حقوق الإنسان والأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، فضلًا عن منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الإنسان إلى دعم هذا المقترح والضغط لاعتماده وتعديله حسب ما ترونه ينسجم مع المعايير الدولية ويكفل حماية حقوق المتهم وسلامة الإجراءات التحقيقية.