رسائل النار والوساطة.. إيران وأميركا في اختبار النوايا بعُمان

متابعات|

سلّط تقرير لصحيفة “العرب” اللندنية الضوء على التحضيرات الجارية لعقد محادثات مباشرة بين وفدين أميركي وإيراني في سلطنة عمان يوم السبت، في خطوة تعيد التذكير بالدور الهادئ والفعّال الذي تلعبه مسقط في تهدئة التوترات الإقليمية، عبر وساطات لا تصاحبها ضوضاء إعلامية. ويُنظر إلى هذه المحادثات باعتبارها اختبارًا مهمًا للنيات السياسية، خصوصًا من جانب طهران.

ومنذ نجاحها في رعاية المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق 2015 النووي بين إيران والقوى الغربية، اكتسبت سلطنة عمان ثقة الأطراف الدولية، خاصة الولايات المتحدة، ما يجعل من لقاء مسقط القادم فرصة جديدة لتأكيد تلك المكانة.

واعتبر الكاتب والباحث العماني في الشؤون السياسية محمد العريمي أن الاجتماع المرتقب في مسقط يشكل لحظة اختبار حقيقية للنيات السياسية، خاصة من الجانب الإيراني.

وقال العريمي “نحن في عُمان نأمل أن يشكل اجتماع مسقط بداية فعلية لحوار مباشر يعيد بناء الثقة بين الطرفين، خصوصًا أن سلطنة عُمان لعبت دورًا تاريخيًا وموثوقًا في جهود التهدئة، كما حدث في محادثات ما قبل الاتفاق النووي خلال إدارة باراك أوباما.”

وأشار إلى أن “إيران لم تعد اليوم في الموقع ذاته الذي كانت عليه قبل سنوات، حيث أن نفوذها الإقليمي تراجع، والضغوط الاقتصادية تتزايد، ما يمنحها فرصة ذهبية لإعادة التموضع، والتفاعل مع المبادرات المطروحة بعقلانية سياسية”، مضيفًا أن “هناك مؤشرات أميركية تدل على استعداد للتسوية، شريطة أن تبقى الخطوط الحمراء واضحة، وفي مقدمتها منع إيران من امتلاك سلاح نووي.”

وأكد العريمي أن “من هنا، يصبح من الضروري تغليب لغة الحوار على منطق التصعيد، فالعالم اليوم لم يعد يحتمل حروبًا جديدة. فالتنمية والاستقرار أضحيا أولوية، والتصعيد سيكلف الجميع أثمانًا باهظة.”

ويُنظر إلى علاقات عمان المتقدمة مع طهران لا كعامل انحياز، بل كميزة تمكّن مسقط من نقل صورة دقيقة للإيرانيين حول المخاطر المحيطة بالمفاوضات، خاصة في ظل تشدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه تقليص النفوذ الإيراني والسعي لاتفاق نووي حاسم.

ويعتقد مراقبون أن سلطنة عمان كانت قناة مثالية لنقل رسائل طمأنة أميركية إيرانية متبادلة، لا سيما في ظل تعهدات من طهران بوقف دعمها لجماعات مسلحة مثل الحوثيين والميليشيات الحليفة في العراق، ما ساهم في التمهيد لانفراجة واضحة مع واشنطن، تجلت في إعلان ترامب بنفسه عن عقد اللقاءات في مسقط.

ويذهب مراقبون إلى أن التوصل إلى اتفاق جديد بين طهران وإدارة ترامب قد يحوّل عمان إلى مركز إقليمي دائم للوساطة وتسوية الأزمات، رغم التوترات المتصاعدة في المنطقة بسبب الحرب في غزة والتصعيد في لبنان واليمن وسوريا.

وكانت سلطنة عمان خلال السنوات الأخيرة وجهة للقاءات، بعضها معلن والآخر سري، لمحاولة إنهاء الحرب في اليمن، وتأمين لقاءات بين الأميركيين والحوثيين، أو بين الأميركيين والإيرانيين، مما مهّد لاتفاق 2015.

وأعلن ترامب ليل الاثنين بشكل مفاجئ عن بدء مباحثات مباشرة رفيعة المستوى مع إيران في مسقط، وذلك خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.

لكن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أكد تمسك طهران بأن تكون المفاوضات غير مباشرة، منتقدًا ما وصفه بالضغوط والتهديدات الأميركية، فيما اعتبر مسؤولون إيرانيون تحذيرات ترامب وسيلة للابتزاز السياسي.

وقال أحد المسؤولين إن واشنطن تسعى إلى فرض شروط تشمل إنهاء النفوذ الإيراني الإقليمي وتفكيك برنامجها النووي ووقف أنشطتها الصاروخية، وهي مطالب ترفضها طهران بشكل قاطع، معتبرة أن “برنامجنا النووي لا يمكن تفكيكه.”

وأضاف مسؤول آخر “دفاعنا غير قابل للتفاوض. كيف يمكن لطهران نزع سلاحها بينما إسرائيل تملك رؤوسًا نووية؟ من يحمينا إذا تعرضنا لهجوم؟”

ورفضت إيران تهديدات ترامب، مؤكدة أن الضغوط لن تجبرها على التنازل، وأن المفاوضات غير المباشرة تتيح حوارًا جادًا وفعّالًا.

وأشار عراقجي إلى أن المحادثات ستجري بوساطة وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، وبمشاركة مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي سيقود الوفد الأميركي، وفق ما أكد مصدر مطلع.

وذكرت مصادر إيرانية وإقليمية أن طهران تنتظر مبادرات أميركية حقيقية، كرفع بعض العقوبات أو الإفراج عن أموال مجمّدة، قبل الدخول في مفاوضات مباشرة.

بدوره، أعلن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن موسكو تدعم أي محادثات أميركية إيرانية، مباشرة أو غير مباشرة، وترى فيها فرصة حقيقية لخفض التوتر في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار