مُقترح التعديل الرابع لقانون الانتخابات.. انتقائية لتصويب الأخطاء السابقة

بقلم/ د. محمد العبدلي 

ربما ينفرد النظام السياسي في العراق بتشريع قانون انتخابي لكل عملية انتخابية، دون مبرر مقبول سوى الرغبة الانتقائية الجامحة بكسب أعلى عدد من الأصوات والمقاعد، فكان لذلك أثر مباشر على عدم ترسيخ القواعد الديمقراطية والانتخابية وزيادة الفجوة بين الناخبين والعملية السياسية والطبقة المتسيّدة والمتحكمة بها، وخير دليل على ذلك تزايد نسبة المقاطعة بشكل تصاعدي مع كل عملية انتخابية.

مقترح التعديل الرابع لقانون الانتخابات المُراد اعتماده في انتخابات مجلس النواب لدورته (السادسة) لا يخلوا من الانتقائية التي يراها البعض تصويباً لبعض الممارسات السلبية التي شهدتها العمليات الانتخابية السابقة، وربما سيكون بعضها مثاراً للجدل والاعتراض والتعديل قبل إقراره داخل قبة البرلمان.
اعتمد المقترح نظام الترشيح الفردي (القائمة المنفردة) وكذلك القائمة المفتوحة التي تمنح الناخب حق اختيار من يراه دون تقييد بترتيب المرشحين ضمن القائمة الواحدة، جعل المقترح كل محافظة دائرة انتخابية واحدة باستثناء محافظات (بغداد والبصرة والموصل) يتم تقسيمها إلى دائرتين، وهو ما سيثير سخط نواب بقية المحافظات ومطالبتهم بجعل محافظاتهم دائرتين اسوةً بالمحافظات الثلاث سالفة الذكر، فتعدد الدوائر يُقلص المنافسة مع غيرهم ويُزيد من حظوظهم بالفوز.
وجاء المقترح بنص متأخّر جداً لم يكن موجوداً في القوانين الانتخابية السابقة، بجعله أعضاء مجلس النواب الذين يرشحون في انتخابات مجالس المحافظات مستقيلين من عضوية مجلس النواب بحكم القانون بمجرد فوزهم، ويمتنع عليهم العودة إليها.
ورغم أهمية هذا النص إلا انه لم يكن محل اهتمام خلال انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، الأمر الذي استغل غيابه عدد من اعضاء مجلس النواب الذين رشحوا في انتخابات مجالس المحافظات ومنحو اصواتهم لقوائمهم مع بقائهم في مناصبهم النيابية.
كما جعل المقترح (المحافظين واعضاء مجالس المحافظات) الذين يرشحون في انتخابات مجلس النواب القادم مستقيلين من مناصبهم المحلية بمجرد المصادقة على نتائج الانتخابات ويمتنع عليهم العودة إلى مناصبهم التنفيذية السابقة.
ورغم ضرورة الحكم المذكور لعدم السماح للمرشحين باستغلال مناصبهم التنفيذية لتحقيق اهداف انتخابية، لكن الغاية الحقيقية من اعتماده ستكون سياسية بحتة، فهناك مناصب تنفيذية ممكن أن يستغلها أصحابها أيضاً لتحقيق أهداف انتخابية كالوزراء ووكلائهم والقائمقامين ومدراء النواحي والمدراء العامون الآخرون في مؤسسات الدولة، فاقتصار الحكم فقط على (المحافظين وأعضاء مجالس المحافظات) واضح الدلالة للاستهداف الانتخابي ضد تحالف السيد السوداني مع محافظو (البصرة وواسط وكربلاء والموصل)، فحفاظهم على مناصبهم الحالية كمحافظين أهم بكثير من حصولهم على مقعد نيابي، الأمر الذي قد يدفعهم الى عدم الترشيح بشخوصهم؛ وبالتالي حرمان السوداني من عدد لا يُستهان به من المقاعد والاصوات خاصة اذا ما استذكرنا عدد الأصوات التي حصلوا عليها المحافظين المذكورين خلال انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، فضلاً عند عدم استفادة قوائمهم الانتخابية من الأصوات التي سيحصلون عليها خلال الانتخابات النيابية القادمة في حال فوزهم بمقعد نيابي ضمن أعلى 30% من الأصوات من المرشحين كأفراد أو ضمن قوائم، وبعد استبعاد أصواتهم يتم توزيع المقاعد المتبقية (70%) وفق نظام سانت ليغو بقسمة الأصوات الحاصلة عليها كل قائمة على الاعداد التسلسلية الفردية بدءاً من (1.5، 3، 5، ..الخ) ولغاية ما تبقى من مقاعد للدائرة الانتخابية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار