لا زواج للقاصرات في قانون الأحوال الشخصية الجديد

بقلم/ الباحث القانوني سلام مكي
أخيرا، تمت المصادقة على قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية وتم إعطائه الرقم 1 لسنة 2025، ولم تتبق سوى أيام قليلة، وينشر في الجريدة الرسمية ” الوقائع العراقية” ليبدأ بعد ذلك فصل جديد من فصول التقاضي داخل المحاكم الشرعية.
القانون، واجه اعتراضات كبيرة داخل مجلس النواب وخارجه، حيث شاهدنا نوابا مارسوا ضغوطات كثيرة لمنع التصويت على القانون، وبعضهم توجه لسفارات دول أجنبية يطلبون منها التدخل منع التصويت على القانون، بوصفه مصدر خطر على مكتسبات المرأة العراقية. ولعل أهم تلك الاعتراضات على القانون أنه سوف يسمح بزواج الصغيرات، وسيتم تشريع فكرة الزواج من الأطفال! وسيتم اغتصاب الطفولة وسوف تحدث الكثير من المشاكل الأسرية، وسوف نشهد أجيالا مأزومة بسبب القانون الذي يسمح للأب بأن يزوج ابنته حتى لو لم تتجاوز 10 سنوات!
واليوم، بعد أن تم اعتماد النسخة الأخيرة من القانون، يمكننا الحديث عن العمر المسموح به للزواج في القانون الجديد. الفقرة “و” أولا من المادة الأولى تنص: يلتزم المجلس العلمي عند وضع مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية فيما يخص سن الزواج بضمان عدم النص على تقليله والسماح بما يخالف المنصوص عليه في المادة 8 من قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959. وهذا يعني أن مدونة الأحكام الشرعية التي سوف يتم وضعها من قبل المجلس العلمي في الوقف الشيعي، يجب ألا تضع نصا يبيح زواج من يقل عمرها عن 18 سنة أو تجاوزت 15 سنة مع وجود ضرورة قصوى! هذا ما نصت عليه المادة المذكورة. إذا: ما كان الجميع يتخوف منه سابقا لم يعد موجودا، وما كان يقال من أن تعديل القانون الهدف منه إباحة زواج القاصرات، غير صحيح، فكان عليهم أن ينتظروا النص النهائي للقانون حتى يحكموا في الأمر.
إن خصوصية قانون الأحوال الشخصية تأتي من كونه متعلقا بمسائل الحل والحرمة، أي بمعنى أن تطبيق القانون، يتعلق بأمور شرعية، وإن تطبيق نصوص أخرى، مخالفة لعقيدة المواطن، يجعله يجعل من أعماله مخالفة للشريعة التي يؤمن بها، عكس باقي القوانين التي تطبق على الجميع دون مشكلة، فمثلا قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، يطبق على جميع العراقيين، بغض النظر على معتقداتهم وأديانهم، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، سنة أو شيعة. لكن قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، لا يمكن تطبيقه على المسيحيين، لأنه سيكون مخالفا لعقيدتهم الدينية، لذلك فهم يطبقون الأحكام الشرعية الخاصة بدينهم.
كذلك بين المسلمين لابد من تطبيق المسائل التي يخضع لها المسلم، باعتبار أن هنالك اختلافات كبيرة بين المذاهب الإسلامية حول النصوص والأحكام التي وردت في القرآن الكريم.
فمن حق الشيعي والسني، أن يخضع للأحكام الشرعية التي يعتقد بصحتها، ولا أحد له الحق بمنعه من ذلك. مع العلم أن التعديل خيّر العراقيين به، ولم يفرضه على أحد! فمن يريد أن يبقى خاضعا لأحكام القانون 188 يمكنه ذلك، ومن يريد الخضوع لأحكام القانون الجديد، يمكنه تقديم طلب الى المحكمة المختصة.