الاختيار المر.. العراق أمام البقاء أو الارتهان للفصائل
بقلم/ هبة عبدالوهاب – باحثة في قضايا الشرق الأوسط وشمال افريقيا
من الواضح والجلي، وبما لا يدع مجالًا للتأويل أو التفسير المختلف، أن العراق قد اختار بشكل صريح وواضح موقفه تجاه الضغوط الأمريكية المتعلقة بحل الحشد الشعبي والفصائل المسلحة غير التابعة لوزارة الدفاع. ومع اقتراب الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، من تسلّم مهامه رسميًا في البيت الأبيض، أكّد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، من خلال تصريح علني، عدم وجود أي نية لحل الحشد الشعبي.
وفي السياق ذاته، صرّح المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر تغريدة نشرها على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) بأنّ الوجود الأمريكي في العراق يمثل احتلالًا، وأنه يجب على العراق التصدي له. هذا التصريح بدوره يعكس تصعيدًا جديدًا في التوترات بين بغداد وواشنطن، خصوصًا أن الأخيرة تنظر إلى الفصائل المسلحة العراقية بوصفها أحد وكلاء إيران في المنطقة، تمامًا كما تنظر إلى حزب الله في لبنان أو ميليشيا الحوثي في اليمن.
أما عن موقف الولايات المتحدة، فهو واضح ومباشر؛ إذ تعارض واشنطن بشدة وجود هذه الفصائل المسلحة في العراق، معتبرة إياها تهديدًا للأمن القومي الإقليمي ولمصالحها المشتركة مع العراق. وقد أعربت الفصائل المسلحة نفسها، من خلال تصريحات متكررة لقادتها ومتحدثيها الرسميين، عن رفضها لاستمرار الوجود الأمريكي في البلاد، بل وذهبت إلى حد المطالبة بـ”إزالة” أو “طرد” القوات الأمريكية من الأراضي العراقية.
المجتمع الدولي، بدوره، يتفق مع الموقف الأمريكي في هذا الملف. فقد صرّح الممثل الأممي، خلال أحد المؤتمرات الصحفية، بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، مؤكدًا هذا الموقف بعد لقائه بالسيد علي السيستاني في النجف. هذا التصريح يعكس توافقًا دوليًا حول ضرورة تعزيز سيادة الدولة العراقية وتحجيم دور المجموعات المسلحة.
أما بالنسبة لموقف الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، فهو معروف بتوجهه الحازم وسياسة الردع الصارمة. فالولايات المتحدة ترى في الفصائل المسلحة العراقية امتدادًا مباشرًا لإيران ووكلاءها في المنطقة. وبالتالي، فإن تعامل واشنطن مع هذه الفصائل لن يختلف عن تعاملها السابق مع حزب الله وقياداته في لبنان أو ميليشيا الحوثي في اليمن.
في ضوء هذه المعطيات، يبدو أن إيران عازمة على الاستمرار في مواجهتها مع الولايات المتحدة، لكن هذه المرة قد تكون ساحة الصراع الرئيسة هي العراق..
