بدلا من الصراخ.. اطعنوا بقرار الاستقطاع!

سلام مكي

عاد قرار مجلس الوزراء المرقم 24888 في 19/11/2024 المتضمن استقطاع نسبة 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين الى الواجهة، وبحدة أكبر، عقب إطلاق وزارة المالية رواتب المتقاعدين والموظفين، واستقطاعها نسبة 1% من رواتب موظفي جميع مؤسسات الدولة والمتقاعدين، لغرض إيداعها في حسابات دعم غزة ولبنان.

وقد رأينا خلال الساعات الماضية، حملات كبيرة، ضد القرار، فهناك من يدعو على من أصدره بالموت والهلاك، وهناك من أعلن عن عدم إبرائه لذمة من استقطع جزءا من راتبه! وهناك من شكك بأن تلك المبالغ ستصل فعلا الى غزة ولبنان! ومن حسن الحظ أن وسائل التواصل الاجتماعي، خففت من حدة الاحتقان والغضب لدى الناس، فكان النشر عبر تلك الوسائل، ساعد الى التنفيس عن الغضب الذي سببه القرار.

أما كيفية حل المشكلة، وإلغاء القرار، فلم نسمع أحدا، تطرق الى الاجراء القانوني الذي لابد من سلوكه لإلغاء القرار، خصوصا وإن الكل يجمع على عدم قانونيته، عدا الكتاب الذي نشره النائب هادي السلامي عبر صفحته الشخصية والذي أشار الى حصول اجتماع بين مجموعة من الموظفين والمتقاعدين الرافضين لقرار مجلس الوزراء القاضي باستقطاع جزء من رواتبهم، كما أشار كتاب السيد النائب الى مطالبته جهاز الادعاء العام بإلغاء الاستقطاعات وإعادتها الى الموظفين والمتقاعدين.

للأسف، هذا الكتاب، يشير الى وجود مشكلة كبيرة لدى شريحة واسعة من العراقيين، تتضمن عدم القدرة سلوك الطرائق القانونية الصحيحة لحل مشاكلهم. كما إن مطالبة جهاز الادعاء العام بإلغاء الاستقطاع يعني إلغاء قرار مجلس الوزراء! وهنا نسأل: هل بإمكان الادعاء العام، إلغاء قرار صادر من مجلس الوزراء؟ هل تضمن قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 أي مادة أو نص قانوني يبيح له إلغاء قرار مجلس الوزراء أو جهة حكومية أخرى؟ وهل إن إلغاء القرارات الادارية يكون من قبل الادعاء العام؟ الادعاء العام، هو أحد مكونات السلطة القضائية، له مهام وواجبات محددة، نص عليها قانونه المرقم 49 لسنة 2017، وبالتأكيد ليس من بينها إلغاء قرار صادر من مجلس الوزراء! أما لجوء الرافضين لعضو مجلس نواب، واتفاقهم على مفاتحة الادعاء العام لكي يلغي القرار، ينم عن عدم معرفة بالقانون، لأن الطريق القانوني السليم، لإلغاء قرار مجلس الوزراء، هو الطعن به أمام المحكمة الاتحادية العليا، لأن المحكمة الاتحادية، رغم أنها نصت في مبادئها القضائية السابقة على أن قرارات مجلس الوزراء تعد قرارات إدارية، يتم الطعن بها وفقا لما رسمه القانون من آلية، والطعن في القرارات الادارية، يكون أمام محكمة القضاء الاداري.

وهذا ما نص عليه القرار المرقم 219/ اتحادية/ 2018. أما وفق التوجه الجديد للمحكمة، فإننا نلاحظ أن المحكمة الاتحادية، وفي عدد من قرارتها، قامت بإلغاء عدد من قرارات مجلس الوزراء، باعتبارها مخالفة للدستور.

ومن تلك القرارات هو القرار المرقم 170/ اتحادية/2022 في 25/1/2023. وعليه، كان الأجدر بالرافضين لقرار الاستقطاع، أن يتوجهوا الى المحكمة الاتحادية العليا للطعن بعدم دستورية قرار مجلس الوزراء، ويكون الخصم في الدعوى هو رئيس مجلس الوزراء إضافة لوظيفته، لأن القرار، خالف الدستور الذي وضع لمجلس الوزراء مجموعة من الصلاحيات والواجبات، ولم يكن من بينها استقطاع جزء من رواتب، تم وضعها بناءً على قوانين نافذة، كما أن الدستور حمى الملكية الخاصة، بكل أشكالها سواء كانت منقولة أو غير منقولة، والرواتب، لا شك هي إحدى صور تلك الملكية، إضافة الى أسباب كثيرة يمكن ذكرها في عريضة الدعوى! للأسف، لم يتقدم أي واحد من المتضررين من هذا القرار بأي خطوة قانونية، واكتفى الكثير منهم باللجوء الى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم ورفضهم!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار