رغم تشخيصه تقصيراً في العمل.. هل تراجع السوداني عن التعديل الوزاري؟

متابعات|..

سلط تقرير لصحيفة ”العالم الجديد”، الضوء على التعديل الوزاري الذي وعد به رئيس الحكومة محمد شياع السوداني دون إجرائه لغاية الآن، رغم تشخيصه الكثير من التقصير في عمل الوزارات أو في تطبيق برنامجه الحكومي.

وبحسب التقرير الذي اطلعت عليه “جريدة” فإن فرص التعديل الوزاري تتضاءلت بفعل ارتهان الكابينة الوزارية إلى “المحاصصة والتوافق” التي رسمت شكلها، بحسب مراقبين.

ويقول الباحث في الشأن السياسي علاء الخطيب، إن “اعتراضات كبيرة تقف أمام التعديل الوزاري، فأغلب الكتل السياسية لا ترضى بهذا الإجراء الذي يبدو الآن أن إتمامه صعب جدا، على الرغم من أن هناك صلاحية دستورية تمنح رئيس الوزراء هذا الخيار”.

ويضيف الخطيب للصحيفة، أن “العملية السياسية التي بنيت على التحاصص والتوافق السياسي وما سمي لاحقا بالديمقراطية التوافقية، وهو مصطلح ابتدعه النظام السياسي في العراق، لا تسمح للسوداني بإجراء أي تعديل من دون توافق، وما لم يكن ثمة تراض وتحاصص بين الكتل، لن يحدث تغيير”.

وعن جدوى استبدال الوزراء، يجد أن “لا فائدة من تغيير أسماء وزراء في النهاية، ما دامت سياسة الوزارات تابعة للكتل التي ينتمي إليها الوزراء”، مؤكدا “صعوبة قيام رئيس الوزراء بتطبيق نهجه السياسي وبرنامجه في جميع الوزارات، على الأرض، وذلك للتقاطعات والتشابكات في العملية السياسية”.

يشار إلى أن تقرير “السوداني ميتر” الإحصائي السنوي الذي نشره الصحيفة لتقييم وعود رئيس الحكومة، وضعت “التعديل الوزاري”، ضمن الوعود غير المنجزة له.

وفي اجتماع لمجلس الوزراء في 29 تشرين الأول أكتوبر الماضي، أعلن السوداني، نيته إجراء تعديل بمناسبة مرور عامين على تشكيل الحكومة، فأثار بذلك تساؤلات بشأن توجهها السياسي خاصة وأنه يأتي قبل عام واحد من الانتخابات البرلمانية القادمة.

وقال السوداني في تصريحاته آنذاك، إن “التعديل الوزاري ليس موقفا سياسيا تجاه هذه الكتلة أو هذا الحزب، وإنما رغبة في الوصول إلى أداء أكثر فاعلية لتلبية متطلبات المرحلة وتطلعات المواطنين”، مضيفا أن “نسبة الإنجاز الحكومي بلغت 62 بالمئة، وتم تحقيق نجاح في ملفات بارزة ومهمة ومواجهة صعوبات في ملفات أخرى، وتأخرنا في بعض التفاصيل”، دون الكشف عن أسماء الوزراء المرشحين للاستبدال، ما زاد الشكوك حول أسباب التعديل الحقيقية.

من جهته، يعتقد المحلل السياسي نزار حيدر، خلال حديث للصحيفة، أن “رئيس مجلس الوزراء يتمنى أن يجري تعديلا وزاريا، لأنه ومنذ مدة طويلة تيقن من فشل الحكومة وعجزها عن تنفيذ برنامجه الوزاري الذي حصل بواسطته على ثقة البرلمان”.

ويرى حيدر، أن “أمر التعديل ليس بيده، لسببين، الأول المحاصصة التي فرضت عليه الوزراء من قبل الأحزاب والكتل البرلمانية، وهي نفسها التي تمنعه من التدخل بأي وزير مهما فشل وعجز عن فعل شيء، حتى إذا امسكه بالجرم المشهود”.

والسبب الثاني يرجعه حيدر، إلى أن “وزراء حكومته ليسوا وزراءه أو بمعنى آخر هم ليسوا رجاله، وليسوا فريقه أبدا، إنما هم يلعبون معه فوق الطاولة، إما تحت الطاولة فإن كل وزير مرتبط بزعيمه وبحزبه، ولذلك، ليس بإمكانه أن يتدخل بهم أبدا”، لافتا إلى أن “المشكلة العويصة في هذا الملف هي أن السوداني لا يمتلك كتلة نيابية يهدد بها مثلا أو يضغط ويبتز بها، ولذلك فهو كالريشة في مهب الريح تحركه زعامات الكتل النيابية كيف تشاء ومتى ما تشاء وفي الاتجاه الذي تشاء”.

وتعود جذور التعديل الوزاري في حكومة السوداني إلى مدد التقييم التي أعلن عنها الأخير بعد كسبه ثقة مجلس النواب في التصويت على فريقه وبرنامجه، ثم جاء عقب ذلك إعلانه بأنه سيخضع الوزراء والوكلاء والدرجات الخاصة إلى تقييم إداري، وكانت الستة أشهر التي أعقبت ولادة الحكومة مدة تقييم، لكن الظروف السياسية وتطوراتها وصولا إلى خلو منصب رئيس مجلس النواب حالت دون ذلك.

وهناك أربعة وعود أطلقها السوداني بالتغيير الوزاري، كما يحصيها حيدر، “في المرة الأولى أمهلهم (الوزراء) 100 يوم وفشل، وعندما فشل أمهلهم ستة أشهر وكذلك فشل، وفي المرة الثالثة شكل لجنة خاصة لتقييم عمل الوزراء والتي أوصت بعد الدرس والتدقيق والتمحيص بتغيير 1/ 3 من الحكومة التي قالت في تقريرها إنها وزارات فاشلة، لكنه فشل أيضا”، بحسب قوله.

وفي المرة الرابعة، يشير حيدر، إلى أنه “عندما خاطب السوداني، مجلس النواب قائلا إن التعديل الوزاري جاهز بانتظار أن تنتخبوا رئيساً جديدا للبرلمان لأقدمه لكم لينالوا الثقة، لكنه فشل أيضا في إجرائه، وهكذا سيظل يفشل في إجراء التعديل الوزاري ليس لأنه لا يريد وإنما لأنه لا يقدر على ذاك”.

ونالت حكومة السوداني الثقة في 27 تشرين الأول أكتوبر 2022 بالأغلبية بعد جمود سياسي تجاوز العام، لتخلف حكومة سلفه مصطفى الكاظمي.

كما يرجع حيدر، ذلك، إلى “طبيعة النظام السياسي الطائفي التوافقي الذي لا يعتمد على الأغلبية والأقلية تحت قبة البرلمان، أغلبية تشكل الحكومة وأقلية تراقب وتحاسب وتستجوب وتقيل، بل يعتمد على نظام محاصصاتي توافقي يكون فيه كل البرلمان في الحكومة”.

ويخلص المحلل السياسي، إلى أن “الوقت قد فات على مثل هذا التغيير الوزاري، إذ لم تبق أمام الحكومة سوى أشهر معدودة وتقف البلاد مرة أخرى على أعتاب صندوق الاقتراع لإجراء انتخابات نيابية جديدة تعيد رسم خارطة العملية السياسية من نقطة الصفر”.

ويوم أمس، أكد النائب المستقل كاظم الفياض، عدم وجود توجه حقيقي لإجراء التعديل الوزاري، وقال إن “التعديل الوزاري انتهى ولا يوجد هكذا توجه حكومي أو سياسي، بسبب رفض اغلب الكتل المتنفذة هذا التعديل، لعدم حصول أي تأثير عليها سياسيا أو انتخابيا”.

وقبل ذلك، استبعد نائب عن تحالف الفتح وهو مختار الموسوي، إجراء التعديل الوزاري المرتقب، وقال إن “التعديل الوزاري الذي يريد إجراءه السوداني متوقف على الإرادة السياسية، ولغاية الآن لا توجد هكذا إرادة ولا اتفاق على ذلك داخل ائتلاف إدارة الدولة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار