الهيتي لـ”جريدة”: العراق أمام خيارين لـ”التغيير” لا ثالث لهما (تحليل معمق)
خاص|..
كشف الباحث الاستراتيجي، د.هيثم الهيتي، اليوم الثلاثاء، عوامل التغيير السياسي في المنطقة بضمنها العراق، وأشار إلى أن أساس التحولات الحالية في المنطقة هي عبارة عن تحضير أوراق قبل تنسم ترامب الرئاسة الأميركية رسمياً لعقد الصفقات معه، لذلك الكل بدأ يحضر للصفقة وأولهم إيران، فيما توقع أن العراق سيشمل بهذا التغيير امتداداً للبنان وسوريا وسيكون أمام خيارين لا ثالث لهما.
وقال الهيتي لـ”جريدة”، إن “التغيير في المنطقة العربية بضمنها العراق يعتمد على عاملين رئيسيين الأول الرأي العام (الشعبي) والثاني العامل الخارجي (موافقة الدول الخارجية)، وفي حال توفر العاملين حصل التغيير مهما كانت قوة السلطة في ذلك البلد، أما إذا كانا غير مكتملين أو توفر عامل واحد فلن يحصل التغيير، ففي قضية سوريا، أن العاملين كانا متوفران قبل 14 عاماً لكن لم يكونا مكتملين، لكن بعد اكتمالهما حصل التغيير”.
وأشار إلى أن “أساس التحولات هي مرحلة انتقال السلطة إلى ترامب، لذلك بدأت الدول بإجراءاتها قبل موعد تسنم ترامب الرئاسة رسمياً الذي سيتعامل بحدة وبحصار اقتصادي أو بصفقة، وأن الحصار الاقتصادي هو خالق للثورات الشعبية في المنطقة، لذلك الكل بدأ يحضر للصفقة مع ترامب، وأولهم إيران، التي لديها كروت في المنطقة للتفاوض عليهم”.
وأوضح، أن “الكارت الأول حزب الله وما يؤشر استخدام إيران ورقة الحزب وأمينه هو وجود ظريف والرئيس الإيراني للتفاوض في نيويورك وقت استهداف نصر الله، يضاف إلى ذلك ورقة سوريا التي تخلت عنها ولم تدعم الأسد في معركته، وهذا يأتي في محاولة لعقد صفقة مع ترامب ورفع الحصار عنها والاتفاق حول برنامجها النووي، وكذلك روسيا التي ترغب بالتفاوض مع ترامب بقضية أوكرانيا والاطلالة على البحر المتوسط مقابل التخلي عن الأسد”.
وعن الملف العراقي، كشف الهيتي، أن “العراق سيشمل بهذا التغيير امتداداً للبنان وسوريا، بدليل أن إيران أبلغت الجماعات المسلحة بعدم دعمها أو من هذا القبيل، ما يعني هناك تخلٍ إيراني عن الجماعات المسلحة في العراق، وهذا تحضيراً لصفقة قادمة مع ترامب، وهذه الصفقة ستنفذ بما قد يحفظ لإيران المشروع النووي سلمياً (طاقة نووية) وتحت المراقبة الدولية، لذلك هناك تحول في العراق ما يعني إلغاء ما يسمى بـ(محور المقاومة) من النظام السياسي، وكل ما سبق هو ما قبل وصول ترامب للرئاسة والتحضيرات للصفقة معه”.
أما الجزء الثاني فهو ما بعد عملية الطوفان، ويوضح الهيتي، أن “عملية الطوفان شكلت ما يشبه بأحداث 11 سبتمبر، فقد كانت صدمة قوية للدول الغربية وخاصة أميركا وإسرائيل في المنطقة، فهي أعادت إلى الأذهان أحداث 11 سبتمبر ومن خلال ذلك كما ردت أميركا عليها بالحرب على العراق ردت إسرائيل على كل القوى المساندة لحماس، وهذا الرد رسم خريطة رفعها نتنياهو التي هي عبارة عن خطوط أمامية للمعركة تمثلت بحماس وحزب الله وتم القضاء عليهما، وخطوط تموين ونقل التي هي سوريا وتم القضاء على النظام السوري، وأخيراً الخطوط الخلفية لهذه الجبهة وهي العراق بالشق العسكري الذي ليس تحت السيطرة، التي هي خطط تموينية بالبشر والسلاح والأيديولوجيا والأفكار والتعبئة السياسية والمال”.
وتابع، “لذلك العراق سيواجه ما قد ينهي قدرته التعبوية والعسكرية والمالية والبشرية في دعم ما يسمى بـ(محور المقاومة)، وهنا سيأتي معنى إلغاء الخطوط الخلفية لهذا المحور، وبالتالي سينتهي المحور ويكون هناك مشروع سلام في الشرق الأوسط بعد إنهاء الجبهة، وأن مشروع السلام سيكون إقليمياً في المنطقة بتطبيع من نوع معين واتفاق مع إيران على ملفها النووي وإنهاء وجود كل الجماعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط لفتح نوع من المعايشة الاقتصادية، لعدم وجود قبول شعبي كامل للمعايشة”.
وأكمل، أن “التغيير في العراق، لن يكون جذرياً لكنه سيكون تغييراً هيكلياً في النظام السياسي في العراق وقد يكون داخلياً أو خارجياً، لكن كل الضغوط الأمنية والتهميشية والاضطهادية والقمعية، ستزول لأن الحرية والديمقراطية ليست بحكم الأغلبية كما يذكر الآن، وإنما بحماية حقوق الأقليات، وهنا تأتي هذه الفرضية التي يجب أن تطبق لتحقيق السلم الأهلي والعدالة الاجتماعية في العراق”.
ولفت إلى أن “القوى السياسية العراقية هي حالياً في وضع مزري وفي مأزق بعد الترك الإيراني لهم، وأي عناد أو رفض أو تزمنت من بعض القوى فأن العراق سيكون أمام الخيار الثاني، فقد تكون في ظل وجود رأي عام رافض للواقع، ستكون مساندة خارجية لنوع من الثورة الشعبية لتغيير الواقع السياسي العراقي، لأن ترامب أدواته اقتصادية وأي ضغط اقتصادي على العراق سيفجر الشارع الذي هو في الأساس في حالة رفض ومع دعم دولي للشارع أو لنوع من تشرين ثانية سيتم تشكل نموذج سياسي مختلف ومغاير وجديد، وهذا هو الخيار الثاني المحتمل في العراق”.
واختتم الهيتي بالقول إن “العراق أمام خيارين الأول تصرف ذاتي للحكومة العراقية ولقادة الجماعات المسلحة، وهذا الخيار متاح ومرغوب أميركياً، أما الخيار الثاني فهو ممكن وقد يفرض في حال حصول عناد سياسي أو مماطلات من قبل الأطراف السياسية العراقية”.