المنصب الحكومي والتوازن السياسي
بقلم خالد العرداوي|..
يقال ان الرئيس العراقي احمد حسن البكر عندما أراد جعل صدام حسين نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة، ونائبا لأمين سر القيادة القطرية لحزب البعث في العراق وهو لا يستحق هذا المنصب حاك مؤامرات عدة لابعاد المؤهلين ومنها اتهام نائب رئيس الجمهورية صالح مهدي عماش بالتآمر على الحزب والثورة، بعد تكليفه بحمل رسائل رئيس الجمهورية (البكر) الى دول المغرب العربي، فتم له ما أراد، وعندما عاتبه أحدهم على اختيار صدام بهذا المنصب قال: “انها التوازنات السياسية”، فيما مدحه أحدهم بالقول: “عفيه عليك عمي، هسه الشعب العراقي كله يقف خلفك اذ مو حبا لك فخوفا من صدام حسين”.
ولكن هذه النشوة القصيرة بالنصر ونجاح التآمر، ومراعاة التوازن السياسي البائس لم تدم طويلا، فبعد أن تعاظم نفوذ صدام واخذ يأكل من جرف صلاحيات رئيس الجمهورية، حتى وصل الامر أن الاخير لم يعد قادرا على توقيع كتاب رسمي بدون مراقبة نائبه، عندها عظ احمد حسن البكر اصبعه نادما متحسرا، وقال : “ابول على كرسي رئاسة الجمهورية الذي لا يحفظ كرامة رئيس الجمهورية” وليت الامر توقف عند حد ضياع الكرامة، بل الرئيس لم يستطع حماية اعز أولاده الى قلبه (محمد) حيث تم قتله هو وزوجته الحامل وشقيقتيها في حادث سيارة غامض، فضلا عن قتل ابنه الاخر (هيثم)، وانتهى به الحال مريضا معزولا وليموت مسموما في أصدق الروايات.
العبرة: أن كل صاحب منصب، لاسيما أصحاب المناصب العليا عليهم مراعاة الله اولا، وحفظ أمانة المنصب الذي يتولونه ثانيا، وأن يباشروا اعمالهم بقوة وكفاءة بعيدا عن أي توازنات سياسية او تآمر خبيث بحجة هذا من جماعتي وذاك من جماعة فلان ثالثا، فأن قاموا بذلك ارضوا ضمائرهم اذا كان لا زال فيها بقية حياة، فاذا بقوا في مناصبهم نجحوا في عملهم، وخدموا مصالح شعبهم ووطنهم، وحافظوا على كرامتهم وكرامة عوائلهم. اما إذا تركوها فلن يندموا ويتحسروا ويعضوا اصابع الندم حيث لا ندم، ولن ينظر لهم كخونة باعوا انفسهم بالرخيص التافه.