التعامل مع ما قاله رئيس النزاهة يُحيّر القوى السياسية ووسائل الإعلام

بقلم / أحمد الشيخ ماجد

الإعلام في العراق هو واحد من الملفات السياسية المعقدة التي تتم المساومة بها، فضلاً عن المعارك وتصفية الحسابات والابتزاز، وهو أيضاً يمكن أن يكون صوتاً للعدالة رغم المتاعب واحتمالية الإقصاء المتوحش.

كان حديث نوري المالكي يوم أمس هو الأساس في محاولة إخفاء الضربات المتتالية التي تتعرض لها المؤسسات والقوى السياسية في العراق منذ أيام. اعترض المالكي على التجاوز على القضاء في الإعلام. اعترض بين سطوره على وصول الأزمة إلى الإعلام بهذه الطريقة.

أفترض أن بعض القوى السياسية صُدمت بعد مؤتمر النزاهة. لا ينبغي أن يخرج المخفي الذي قد يكون منه ما هو أكثر فضيحة وقذارة بالوقت نفسه. دائماً هناك تسويات وتفاهمات طالما وجدت أموال النفط وعمليات التحاصص.

في العادة، وحين تخرج اتهامات مثل التي عرضها حنون، تواجه بشتى طرق الردع التي يقوم بها النظام مع الحلفاء؛ هيئة الإعلام والاتصالات تمنع المتحدث، أو المادة 226، أو أن المتحدث قد يكون “ابن سفارة”، وهناك ميليشيات متطوعة لمواجهته! لكن ما الذي يمكن أن تفعله القوى السياسية إزاء متحدث يدير واحدة من أكبر مؤسسات مكافحة الفساد في العراق وقريب من حكومة مدعومة من كل القوى السياسية؟

ألاحظ أن معظم الخطاب الإعلامي في العراق، كان حائراً إزاء ما قاله حنون. الهجوم على الأخير هو ضربة للحكومة، كما أن الأسئلة حول صحة ما قاله عن القضاء، قد تؤدي إلى مشكلة حرجة، فما هو الفعل؟

لدى حكومة السوداني اهتمام واسع بدور الإعلام، ولهذا هي تقوم بعمليات “بيع وشراء فيه” كما يجيء على لسان نواب، فضلاً عن استخدامه في مساراتها وعلاقتها بالقوى السياسية، بالإضافة إلى تهديده إن لم يرضخ.

لم تكن تصل الأمور إلى هذا المستوى الذي وصلت إليه في مؤتمر رئيس النزاهة. ربما كانت رسالة علي عبد الأمير علاوي، وزير المالية الأسبق، آخر رسالة تحدثت عن مستوى الانحطاط داخل الهياكل الإدارية للنظام السياسي في العراق، وهي مختلفة عن ما تحدث به حنون ولا تقارن به.

هاجم حنون السلطة التي يحاول الجميع إظهارها “مقدسة”، وبغض النظر عن صحة ما قاله من عدمه، لكن الأمر يشير إلى مستوى عدم الاستقرار الذي يعاني منه النظام السياسي ومؤسساته ورجاله. الأمور دائماً بانتظار الفتيل الذي يشعله عود الثقاب، لكنها هذه المرة جاءت بشهادة من موظف رمى عوده في الأجواء وتحدث عن “شراء ولاء” وإخفاء قضايا تتعلق بنور زهير من المؤسسة الأولى التي يفترض أن تكون مسؤولة عن إفشاء العدالة بالبلاد، فماذا سيكون الرد؟

قد يتمّ “طمطمة” هذه الأزمات المتوالية.. ما قيل عن “شبكة التنصت”، واتهام القضاء، فضلاً عن نور زهير، ونعود إلى البيانات التي تتحدث عن “وضع وردي” وتوجيهات وأوهام وأكاذيب. هذا ممكن، لكن هذه الأزمات، ربما كسرت عمليات التطبيع مع النظام السياسي التي يتم العمل عليها منذ أكثر من عامين. ساهمت أيضاً بتعاظم خيبة الناس من مؤسسات هذا النظام ورجاله وقواه السياسية.

لا تريد القوى السياسية إعادة ثقة الناس بالانتخابات في سلوكها. هذا منطلق أساسي أفكر فيه دائماً. هناك جماهيرها الثابتة وتريد أن تحافظ عليها برشاوى الوظيفة والتبليط. بالنسبة لها، أي أجسام غريبة تدخل، تعتبر الخطر الدائم على معابد الطوائف المهيمنة على الثروات والسلطة والنفوذ. المعابد التي تهدمها معاول أصحابها أحياناً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار