زيادة رواتب النواب … تفضح الاطماع وتشق الصفوف

بقلم / محمد العبدلي

أنكر بعض اعضاء مجلس النواب إصدار قرار نيابي بزيادة رواتبهم ومخصصاتهم بما يعادل راتب ومخصصات الوزير، وكانت حججهم بأن ما حصل في جلسة المجلس رقم (7) من الفصل التشريعي الثاني/ السنة التشريعية الثالثة المنعقدة في 7/8/2024 هو إعادة ما تم استقطاعه من رواتبهم قبل عدة أشهر تنفيذاً لقرار المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقمة (332/اتحادية/2023) في 11/6/2024 المتضمن عدم صحة الاجراء الصادر من رئيس مجلس النواب بموجب الكتاب الصادر عن مكتبه بالعدد (272 في 17/3/2019) الخاص بإيقاف العمل بقرار مجلس الوزراء رقم (333) لسنة 2015 الذي نص على تخفيض رواتب الدرجات الخاصة.

لكن ممثل الحكومة في مجلس النواب فضح ما حصل من خلال إصداره لكتاب رسمي معنون إلى الحكومة بالعدد (143 في 11/8/2024)، الذي أرفق وقائع جلسة المجلس سالفة الذكر، وأشارَ في الفقرة (أولاً) بشكل صريح إلى (صوّت مجلس النواب على قرار نيابي يتضمن زيادة رواتب ومخصصات اعضاء مجلس النواب بما يعادل راتب ومخصصات الوزير وزيادة نسبة الخطورة الممنوحة لموظفي المجلس بما يعادل 30% من قيمة الراتب الاسمي).

في المقابل تبنّى نواب آخرون موقفاً شجاعاً بالضد من ذلك القرار النيابي سيء الصيت، وعلى رأسهم النائب عن حركة إدراك (احمد مجيد الشرماني) الذي تحمّل سخط وعتب زملاءه النواب الآخرين حين خاطب رئاسة مجلس النواب بموجب الكتاب المرقم (4017 في 15/8/2024) لإلغاء ذلك القرار المناقض لمبدأ العدالة الاجتماعية ولا يلامس هموم الناس وآلامهم وآمالهم، دون احترام لتحذيرات المرجعية مراراً وتكراراً بـ ” إلغاء أو تعديل بعض القوانين التي تمنح امتيازات كبيرة لكبار المسؤولين واعضاء مجلس النواب ولفئات معينة على حساب سائر أبناء الشعب)”.

كما لوّح (الشرماني) الى اللجوء الى المحكمة الاتحادية العليا لإلغاء القرار النيابي في حال عدم إلغائه من قبل رئاسة المجلس، حيث تضمن القرار عدة مخالفات دستورية وقانونية:

1. مخالفة مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (14) من الدستور، وكذلك مخالفة قرار مجلس الوزراء رقم (333) لسنة 2015، ومخالفة قرارات المحكمة الاتحادية رقم (8/اتحادية/2018) و (332/اتحادية/2023) رغم أنها كونها باتة وملزمة لجميع السلطات وفقاً للمادة (94) من الدستور، في ظل وجود عدة شراح لا زالت محرومة من نيل استحقاقها في الحصول على فرصة عمل بحجة عدم وجود تخصيصات مالية كافية لتوظيفهم او التعاقد معهم، ووجود شرائح من الموظفين والمتعاقدين تحظى برواتب زهيدة جداً ولا يمكن إيجاد معالجات حقيقية لإنقاذ وضعهم المعاشي لذات الحجة سالفة الذكر.
2. إن إصدار مجلس النواب لـ (قرار نيابي) يتضمن مخالفة صريحة لقرارات المحكمة الاتحادية العليا بعدم وجود صلاحية للمجلس بتشريع أو إصدار قرارات تشريعية باستثناء ما جاء في المادة (52/ثانياً) من الدستور الخاصة بموضوع صحة عضوية أعضاء المجلس، وبالتالي ليس ضمنها موضوع الرواتب والمخصصات، كالدعاوى المرقمة (57/اتحادية/2011) و (89/اتحادية/2019) و (140 وموحدتها 141/اتحادية/2018)، وأقرّت المحكمة في الدعوى الأخيرة بعدم دستورية المادة (17/سابعاً) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018 المتضمنة صلاحية مجلس النواب بإصدار قرارات تشريعية، وجاء في القرار: ((أن الدستور وفي المادة (61/ اولاً) قد نص على اختصاصات مجلس النواب بتشريع القوانين الاتحادية ولم ينص على تخويله إصدار القرارات التشريعية)).

3. مخالفة المادة (64/أولاً) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم 13 لسنة 2018 التي نصت على: (يصدر الرئيس بالتوافق مع نائبيه وبموافقة المجلس تعليمات تحدد 1. ما يخصص للرئيس ونائبيه والنواب لتمكينهم من أداء مهامهم التشريعية والرقابية والتمثيلية. 2. ما يتقاضاه الموظفون من مخصصات)، وحيث أن ذلك يتطلب وجود رئيس لمجلس النواب مع نائبيه، وهي غير متوفرة في الوقت الحالي نتيجة عدم انتخاب رئيساً للمجلس لغاية الآن، فضلاً عن أن النص المذكور يشير إلى تشريع (تعليمات) وليس (قرار نيابي)، بخلاف ما تم طرحه في جلسة الاربعاء الموافق 7/8/2024 الذي كان بعنوان (قرار نيابي).

4. مخالفة الفقرات (أولاً وثانياً) من المادة (37) من النظام الداخلي لمجلس النواب رقم (1) لسنة 2022 التي أشارت إلى تبليغ النواب بجدول اعمال قبل موعد انعقادها بيومين على الأقل، وكذلك عدم جواز عرض أي موضوع لم يدرج في جدول الأعمال ومناقشته إلا بموافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين، ولم تراعَ تلك الآليات والإجراءات القانونية عند طرح (القرار النيابي) محل الاعتراض في جلسة رقم (7) المنعقدة في 7/8/2024 التي تم تشريع القرار النيابي خلالها، حيث لم يُدرج القرار ضمن جدول اعمال الجلسة المذكورة المنشورة على الموقع الرسمي للمجلس وتم تزويد النواب بها قبل انعقاد الجلسة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار