الظهور الإعلامي بين “الشُهرة” و”الشِهيرة”!

بقلم محمد العبدلي |..

مع وجود عدة برامج سياسية محترمة في محتواها الذي تقدمه لجمهورها، إلا أن تزايد البرامج السياسية في قنواتنا الفضائية، خاصة خلال الفترة الأخيرة، جعلها في تنافس محتدم ومحاولة لإثبات وجودها أمام برامج سابقة لها في التجربة.
لكن الأمر ليس يسيراً إن كان التنافس واثبات الوجود قائم على الاسبقية في الوصول إلى المعلومات الحقيقية وتحليلها وفق معايير علمية ودقيقة.

وربما زادت طبيعة المشاهد العراقي بشكل عام من صعوبة ذلك الأمر، فجميعنا يُدرك أن البرامج لن تُحقق (الشو) المطلوب منها إن كانت خالية من الصراخ والعراك والتخوين والاتهام المتبادل بين الضيوف أو السب أو التجاوز أو مخالفة الحقائق، والتي أصبحت للأسف معياراً صريحاً ومعلناً لنجاح بعض البرامج أو فشلها.

وبين الحين والآخر تنتشر مقاطع من برامج او لقاءات ليس بسبب كشفها معلومات خطيرة أو سرية غائبة عن الجمهور، أو لما تضمنت من تحليل مُتميّز) لاحداث سياسية او قانونية او عسكرية، بل يكون انتشارها بسبب بحث أبطال المقطع عن (الشهيرة) بدلاً عن (الشهرة)، من خلال تصريحهم بمعلومات كاذبة ممكن أن تلفت انتباه المشاهدين لها، أو من خلال صراخهم او تخوينهم لغيرهم أو سبهم او الانتقاص من مقدساتهم وثوابتهم او الانتقاص من شأنهم.

وربما ذلك ما يعتكز عليه (بشير الحجيمي) لضمان استمرارية ظهوره الاعلامي، فأغلب لقاءاته تضمنت تلك الاساليب التي يُحبذ متابعتها المشاهد، محاولاً أن يتميّز بها على بقية الضيوف بأسلوب الصراخ أو الانتقاص او الاتهام، وفي أحيان كثيرة يعود للاعتذار، ثم يعود لذات اسلوبه الذي تميّز وانشهر به، وقد يكون المبرر لاتباع هذا الاسلوب أن بعضهم جعل من ظهورهم الإعلامي مصدراً أساسياً لمعيشتهم، أو قد يكون لضرورة يتطلبها عملهم السياسي وطريقة تعاملهم مع الأحداث.

لكن لا يمكن أن نجد لهم العذر أو المبرر حين يصل الأمر إلى الإساءة العامة لأي محافظة أو مدينة او منطقة، باتهام سكانها بانتشار الشذوذ أو المثلية بدون أي احصائيات٥ رسمية، خاصة إذا كانت تلك المحافظات ذات طابع ديني وثقافي كالنجف الاشرف وكربلاء المقدسة، يدرك الجميع أنها تتميّز بعلمائها ورجالاتها وثقافاتها، وما قدمت من أبنائها ليستشهدوا دفاعاً عن وطنهم، سواء في ظل ظلم نظام البعث الهدام أو عند استجابتهم لفتوى مرجعهم لتحرير بلدهم من المجاميع الارهابية الضالة، لكن قول الحقيقة عن هذه المحافظات لن يُحقق له مشاهدات كثيرة؛ كونها مُترسّخة ومتفق بشأنها لدى الجميع، فلا يبقى سوى طريق (خالف تُعرف)، حتى وان كانت على حساب مشاعر الناس وكرامتهم، ليُحقق بها (الشهيرة) على حساب (الشهرة).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار