الانتحار.. نحو تجريم التصوير ومكافحة التفكير

 

زينب ربيع |..

الفوضى المنظمة التي يعيشها العراق حولت يوميات المجتمع العراقي الى مسلسل درامي طويل، ويكاد يكون القتل والانتحار موضع الاثارة والتشويق بالنسبة للراصد سواء كان الإعلام أو الأقلام.

واذا ما تفرعنا بالأسباب والمسببات، فستكون البطالة من العوامل الرئيسية التي قد تدفع الأفراد نحو الانتحار، فعدم القدرة على تأمين عمل يشعر الأفراد بالعجز واليأس، مما يزيد من الضغوط النفسية. أوقات الفراغ الطويلة بدون أهداف أو نشاطات مفيدة يمكن أن تزيد من شعور الفرد بالفراغ والعزلة، مما يؤدي إلى تفكيرهم في الانتحار كحل لهذه المعاناة.

الإدمان على المخدرات يمكن أن يكون له تأثير كارثي على الصحة النفسية والعقلية للفرد، فهو يؤدي إلى تغييرات في الدماغ تؤثر على القدرة على التفكير السليم واتخاذ القرارات، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية والعائلية، وزيادة الشعور بالعزلة والاكتئاب، مما يزيد من خطر الانتحار، نتحدث في وقت أصبح يخوض فيه العراق حرباً هوجاء مع الكريستال التي صارت في متناول أيدي المراهقين والأحداث وحتى الأطفال!

بعيداً عن المخدرات وقريباً من أسبابٍ أخرى تتمثل بموهم العالم الافتراضي على مواقع التواص الاجتماعي، فلا ننسى ان المراهقات والشابات يتأثرن بشكل كبير بحياة المشاهير التي تُعرض على مواقع التواصل الاجتماعي. هذه الصور والقصص المثالية قد تخلق لدى الفتيات شعورًا بعدم الكفاية والإحباط إذا لم تستطعن تحقيق نفس المستوى من الجمال أو النجاح.

الضغط الاجتماعي الناتج عن المقارنات المستمرة يمكن أن يؤدي إلى تدني احترام الذات والاكتئاب، وقد يدفع البعض إلى التفكير في الانتحار كوسيلة للهروب من هذه الضغوط .

الثقافة العامة في العديد من المجتمعات لا تعطي الصحة النفسية الاهتمام الكافي. يُنظر إلى مشاكل الصحة النفسية على أنها ضعف أو عيب يجب إخفاؤه بدلاً من معالجته. غياب الوعي والموارد اللازمة للتعامل مع الاكتئاب والقلق والمشاكل النفسية الأخرى يزيد من صعوبة الحصول على المساعدة والدعم المناسبين، مما يؤدي إلى زيادة مخاطر الانتحار.

من السبب الى النتيجة فلابد أن نركز على ضرورة تجريم تصوير عملية الانتحار، فتصوير ونشر عمليات الانتحار يمثل انتهاكًا لكرامة الإنسان ويمكن أن يؤدي إلى تداعيات نفسية سلبية على المشاهدين أو حتى على الناجين من الانتحار مستقبلاً، فتجريم مثل هذه الأفعال يمكن أن يساهم في حماية الأفراد من تأثيرات المشاهدة السلبية، ويحترم حقوق الضحايا وخصوصيتهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل انتشار هذه الظاهرة والحد من تأثيرها السيء على المجتمع.

ومن الضروري أن نعمل على توفير بيئة داعمة ومساندة للأفراد الذين يعانون من مشاكل نفسية، وتشجيعهم على طلب المساعدة. يجب على المجتمعات والحكومات اتخاذ خطوات جدية للتعامل مع العوامل المؤدية إلى الانتحار، بما في ذلك تعزيز الوعي بالصحة النفسية، وتوفير الدعم للمصابين، وتجريم تصوير ونشر عمليات الانتحار لحماية كرامة الإنسان، التي انتهكت أكثر من أي شيء آخر في العراق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار