السلطة والكتاب

بقلم ثابت عباس |..

في تسعينيات القرن الماضي كنا نقصد شارع المتنبي لهفة ورغبة في الحصول على كتاب نروي به ضمأنا المعرفي مع قلة الحيلة وضعف الوسيلة في ظروف الحصار التي كان الحصول فيها على رغيف الخبز صعبا فضلا عن الحصول على كتاب والذي يعد نوعا من البطر او الترف…ومع ذلك كنا نحمل فتات النقود لنقايضها بكتاب غالبا مايكون مستنسخا او عليه عروض تخفيضية.

ذات مرة ظفرت بكتاب (الكتابات الاجتماعية للامام محمد عبدة ) وشرعت بقرائته وشاءت الصدف ان يلمح والدي أطال الله في عمره صورة لرجل معمم تتصدر ورق الكتاب والتي تعود لمؤلفه عبدة.

خاطبني والدي بلهجة تشي بعدم الارتياح….هاي مالمن الصورة؟ اجبته بصوت خافت ينبعث من ابتسامة مغرورة…..هاي صورة رجل الدين المصري محمد عبدة…..اجابني خوما ممنوع الكتاب….لا يابة….كتاب عادي يتناول مفاصل الحياة الاجتماعية لمصر….ها! اي عفية ابني ترة الدولة ماترحم ويخافون من الكتاب!!…

ظلت كلمات والدي على بساطتها ترافقني كلما تجولت مع الأصدقاء في شارع المتنبي وانا أرى عناوين كتب كارل ماركس ومحمد باقر الصدر وحسن البنا وسليمان رشدي واشعار مظفر النواب واشعار ابو شبع وكتب ومذكرات السياسين العراقيين من اليساريين والقوميين تملا حيزا كبيرا من رفوف المكتبات وتباع بأسعار زهيدة جدا … واقول في نفسي كم هي متهاوية وغبية وفاقدة الثقة بنفسها السلطة التي تحاول أن تدجن الناس في فكر احادي ظنا منها انها قادرة على ذلك ناسية بغباوة شديدة ان الفكر لا يمكن وضعه باطار او حاوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار