البرلمان والغموض التشريعـي!
بقلم محمد العبدلي|..
منذ تغيير النظام السياسي عام ٢٠٠٣ ومُطالبات المختصين بالقانون والمهتمين بحقوق الانسان وحرياته الاساسية، شخوصاً ومنظمات، بإلغاء المادة (٢٢٦) من قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ سيئة الصيت، فعقوبة (السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس او بالغرامة) قد تواجه اي شخص ينتقد السلطات العامة بذريعة (الإهانة)، دون أن يحدد القانون صور تلك الجريمة وتحديد افعال الإهانة المجرّمة، تاركاً للقضاء السلطة التقديرية في تكييف الافعال والتصرفات التي يمكن أن تتضمن إهانة للسلطات.
وبعد مرور أكثر من عقدين تمكّن مجلس النواب في دورته الحالية من إلغاء المادة المذكورة، لكن ليس بشكل مثالي، فالمادة الجديدة تضمنت أيضاً تجريم (إهانة) السلطات العامة، دون وضع معايير واضحة وصريحة يمكن أن تحد من التعسف في تطبيق النص التجريمي ودون ذكر لصور تلك الجريمة وتحديد افعال الإهانة المجرّمة كما هو الحال في النص القديم.
ربما الأمر الايجابي الذي جاء به النص الجديد يتمثل بتخفيف العقوبة من (السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس او بالغرامة) الى (الحبس او الغرامة)، فضلاً عن إضافة النص الجديد سبباً لإباحة فعل الإهانة وعدم تجريمه ليشمل (كل قول او فعل يمارس في اطار حرية التعبير عن الرأي بحدودها الدستورية والقانونية او حق نقد السلطات العامة بقصد تقويم الاداء او ابداء المظلومية).
وللأسف لم يتمكن مجلس النواب الحالي من تجاوز الغموض التشريعي الذي تضمّنه النص القديم، فلا ضوابط ولا حدود واضحة لفعل الإهانة، وكذلك لا ضوابط ولا حدود واضحة لحرية الرأي والنقد، وللقضاء سلطة تقديرية في تحديد أي منهما، دون أن يقيّدها النص الجديد بضوابط وحدود ومعايير واضحة.