حامي الدستور قد ينسف التوافقات السياسية في إختيار المحافظين

بقلم محمد العبدلي |..

أوجب قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (٢١) لسنة ٢٠٠٨ في المادة (٢٦) أن (يصدر أمر تعيين المحافظ بمرسوم جمهوري خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخابه وعندها يباشر مهامه)، لذا يمكن لرئيس الجمهورية عدم الموافقة على إصدار مراسيم جمهورية بتعيين بعض المحافظين الذين شهد اختيارهم بعض المخالفات القانونية.

ورغم وجود خلاف حول مدى صلاحيته بالرفض ومدى اعتبار مرور المدة القانونية المحددة دون اصدار المرسوم بمثابة الموافقة على التكليف، لكننا نعتقد أن من له صلاحية الموافقة تكون له صلاحية الرفض الا اذا وجد نص قانوني خلاف ذلك، حيث هناك حالات اخرى تنص بشكل صريح على اعتبار مرور المدة المحددة مصادقة ضمنية، كمرور المدة المحددة لرئيس الجمهورية للمصادقة على المعاهدات والقوانين بموجب المادة (٧٣) من الدستور.

أما أهم المخالفات القانونية التي صاحبت اختيار المحافظين والتي قد تدفع رئيس الجمهورية الى عدم اصدار المراسيم الجمهورية لتكليف بعضهم، حيث حددت المادة (٢٥) من قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم رقم (٢١) لسنة ٢٠٠٨ عدة شروط في من يرشح لمناصب المحافظ ونائبيه بالإضافة الى شروط الترشيح المطلوب توافرها في عضو المجلس بأن يكون (متمتعاً بالمؤهلات الاساسية اللازمة لقيادة المرفق الاداري، وله خبرة في مجال عمله لا تقل عن (١٠) عشر سنوات وممارسة في اعداد وتنفيذ السياسات العامة وبناء القدرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية)، الأمر الذي يتطلب فتح باب الترشيح وتقديم سير ذاتية للمفاضلة بينهم والتأكد من توافر الشروط المذكورة اعلاه فيهم، فضلاً عن أن الإجراءات القانونية السليمة بموجب المادة (٧/ سابعاً) من قانون المحافظات تتطلب (الانتخاب) من خلال اختيار مرشح بين عدة مرشحين لكل منصب، بدلالة أن المادة المذكورة أشارت إلى حالة عدم حصول اي من المرشحين على الاغلبية المطلوبة، بمعنى وجود اكثر من مرشح في الجولة الأولى، وهناك فرق كبير بين (الانتخاب) الذي تبنّاه القانون و(الاستفتاء) بجعل خيار واحد لأعضاء المجلس بالتصويت لمرشح واحد فقط أما بقبوله او بعدم قبوله، وهو ما حصل عند اختيار المحافظين ونوابهم في عدة محافظات، لتكون التوافقات السياسية بديلاً عن الاجراءات القانونية السليمة، ربما لتخوّف الاحزاب غير المبرر من ضياع تلك المناصب منهم، رغم امتلاكهم لأغلبية مريحة لتمرير مرشحيهم.

ويبقى حامي الدستور، الذي جاء ايضاً عن طريق توافقات شبيهة، الملاذ الاخير لوقف تلك المخالفات وإعادة الامور الى نصابها القانوني الصحيح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار