الغاز الايراني – الغائب الحاضر!
زياد الهاشمي |..
مع تكرار الازمة الغازية بين العراق وايران وانقطاعات توريد الغاز الايراني خلال كل موسم صيفي، واستمرار تحكم ايران بقرار وقف او إطلاق الغاز للعراق، تبرز الكثير من التساؤلات حول طبيعة العلاقة التعاقدية لتوريد الغاز الايراني الى العراق، والى اي مدى تحقق تلك التعاقدات مصالح العراق؟ وبالعودة للمصادر الحكومية العراقية يستطيع المتابع ان يصل الى نتيجة ان العراق لا يملك عقوداً لتجهيز الغاز بضمانات مُلزمة للجانب الايراني، وهذا ربما ما دفع وزير الكهرباء العراقي في بداية العام للمطالبة بتوقيع عقود جديدة مع ايران تضمن انسيابية واردات الغاز الى العراق.
لكن الذي حدث بعد ذلك هو توقيع العراق عقداً جديداً مع ايران لشراء الغاز ولخمس سنوات قادمة دون إشارة تُذكر عن التزامات ايران المستقبلية في هذا الصدد. ولفتح باب المقارنة بين العراق وباقي الدول المستوردة للغاز الايراني، نجد ان ايران تصدر الغاز لارمينيا وتركيا وأذربيجان، وبشكل انسيابي دون حدوث انقطاعات تُذكر تؤثر على القطاعات الاقتصادية والخدمية في تلك الدول، لكن في بداية السنة الحالية حدث خلل في منظومة ضخ الغاز الايراني للانبوب التركي مما تسبب في تقلص امدادات الغاز بحدود ٧٠٪، ورغم ان الطرف التركي المستورد للغاز الايراني هو شركة تركية، لكن تدخلت الحكومة التركية في حينها وعلى اعلى مستوى للضغط على ايران لإعادة ضخ الغاز بأسرع وقت، وهذا ما تم فعلاً وخلال اسبوعين، وخلال فترة الانقطاع هذا كان لدى تركيا بديلاً جاهزاً يغطي وقتياً الطلب المحلي، والمتمثل باحتياطات الغاز المخزنة في خزانات غاز استراتيجية تركية، يتم فيها تخزين جزء من واردات الغاز الايراني لاستخدامها عند الضرورة.
إضافه الى ذلك، فإن الموقف التركي القوي من ايران كان يستند على العقد الرسمي لتجهيز الغاز من ايران والذي تم توقيعه خلال الربع الاخير من العام الماضي ولمدة ٢٥ سنة وبضمانات عديدة تضمن ثبات الامدادات الايرانية من الغاز لتركيا. لذلك، وبالعودة للحالة العراقية، وكحلول مقترحة لأزمة الكهرباء العراقية، نجد انه من الضروري توقيع اتفاق تعاقدي جديد يضمن مصالح العراق في إمدادات الطاقة مع ترتيبات عملية لإتمام عملية تسديد فاتوره الغاز، الى جانب ضرورة العمل على إنشاء خزانات غازية احتياطية تُستخدم عند الضرورة، وكذلك التحرك العاجل على مصادر غازية موازية للغاز الايراني، والاسراع في عملية ربط المنظومة الكهربائية العراقية مع المنظومة الخليجية.
ختاماً، فكما هو واضح، فإن الوضع الكهربائي العراقي في حالة شبه موت سريري بسبب الاعتمادية العالية على طرف خارجي دون حماية لمصالح العراق وهذا ما يجعل تبني الحلول اعلاه وغيرها مسألة حتمية غير قابلة للتأخير والتسويف.