واشنطن تحاصر وبغداد تنقسم: معركة قانون الحشد تشتعل وخلافات بشأن المناصب

خاص
يتزايد الجدل بشأن مشروع قانون الخدمة والتقاعد الخاص بهيئة الحشد الشعبي، بعد أن كشف النائب هادي السلامي أن “الإطار التنسيقي هو من اجتمع وقرر سحب القانون، فيما قام رئيس الوزراء بتنفيذ قرار الاجتماع”، مؤكداً أن الخطوة لم تكن نتيجة ضغوطات أميركية كما يُشاع، وإنما جاءت بسبب خلافات داخلية مرتبطة بالمناصب وتقاسم النفوذ، وهو ما حال دون إرجاع القانون حتى الآن.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور محمد العبدلي، القانوني والأكاديمي، إن من الضروري التضامن مع منتسبي الحشد الشعبي لضمان حصولهم على جميع حقوقهم، منتقداً ما وصفه بـ”إقحام مصطلحات بعيدة عن الإطار العسكري”، ومؤكداً أن الأفضل كان الإبقاء على مفردة “المجاهدين” في النص.
وأوضح العبدلي في تصريحات متلفزة، أن “المسودة لم تتضمن أي فقرات تتعلق باستقلالية الهيئة”، محذراً من استغلالها انتخابياً، ومشدداً على أن “الرفض الأمريكي للقانون يعد خرقاً لسيادة العراق”.
وأضاف العبدلي أن القوات البيشمركة تخضع للقائد العام للقوات المسلحة دستورياً، منتقداً في الوقت ذاته ما سماه “اختفاء الحكومة العراقية في أوقات حرجة”، مشيراً إلى أن البرنامج الوزاري لحكومة محمد شياع السوداني هو الفيصل، لكن الكثير من بنوده لم تُنفذ. كما وصف حديث البعض عن أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب “رجل سلام” بأنه “من المضحكات”.
من جانبه، قال غابرييل صوما، عضو المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن بعض مفاصل الحشد الشعبي تتلقى دعماً مباشراً من إيران، مشدداً على أن العراق ليس بحاجة إلى الحشد في ظل وجود جيش نظامي.
وأوضح أن “واشنطن ترى في الحشد امتداداً للنفوذ الإيراني”، لافتاً إلى أن جزءاً كبيراً من تشكيلاته “يأخذ أوامره من طهران”.
وأكد صوما أن العلاقة بين العراق والولايات المتحدة “تاريخية”، مضيفاً: “نحن ضامنون لأموالكم وواشنطن تحمي عائدات النفط لمصلحة الشعب العراقي”. كما أشار إلى أن ترامب أمضى ولايته الأولى دون الدخول في حرب، لكنه “سيفرض عقوبات قاسية على العراق في حال تمرير قانون الحشد”، وفق تعبيره.
في المقابل، أعربت منظمة “بدر” بزعامة هادي العامري عن أملها في أن يقر البرلمان تعديل القانون، مشددة على رفضها لأي “تدخل خارجي أو إملاءات” في عمل مجلس النواب.
وأكد العامري في تدوينة أن البرلمان “أمام اختبار تاريخي كبير”، معلناً أن نواب بدر “سيدخلون البرلمان بزي الحشد وفاءً للشهداء والجرحى والمرجعية”.
كما طالب رئيس كتلة “حقوق” النيابية سعود الساعدي الأمانة العامة لمجلس الوزراء ببيان أسباب “سحب” القانون وعدم إعادته إلى مجلس النواب رغم أنه قُرئ مرتين، متسائلاً عن السند الدستوري لهذه الخطوة، ومعتبراً أن تعطيله يمثل إخلالاً بالمسار التشريعي الطبيعي.
وبقى مشروع القانون عالقاً بين خلافات القوى السياسية الداخلية من جهة، وضغوط أمريكية معلنة من جهة أخرى، في وقت تسعى قوى الحشد إلى تثبيت حقوق مقاتليها عبر التشريع، بينما يخشى خصومها من تكريس نفوذ سياسي – عسكري موازٍ للدولة العراقية.